تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الثاني عشر

sacred_heart_jesus_12

اليوم الثاني عشر (تأمل في شدة محبة الله للأنسان):

تعجب أيوب الصديّق من محبة الله للأنسان فقال في تعجبه هذا: ((من هو الأنسان حتى تعظمهُ وتضع عليه قلبك)) (أيوب 7 : 17).
وقال داؤد النبي: ((من هو الأنسان حتى انك تذكره وأبن آدم حتى انك تتفقدهُ)) (مز 8 : 5).
وفي الحقيقة ان الأنسان بجسده خليقة حقيرة كثيرة البؤس والشقاء ولكنه بنفسه جليل القدر وعظيم الشأن لأن نفسه مخلوقة على صورة الله ومثاله (تك 1 : 26)، ومن حيث ان الأنسان مخلوق بنفسه على صورة الله ومثاله يحبه الله محبة الأب لأبنه ومحبة الأم لولدها وفلذة كبدها.
ولكن محبة الأب لأبنه ومحبة الله للأنسان تفوق بما لا يحد محبة الأب لأبنه ومحبة الأم لولدها لأن ما صنعه الله وحبه للأنسان لم يصنعه أب لأبنه ولا أم لولدها ولا صديق لصديقه ولا عروس لعروسها، مهما تفاقمت محبتهم وبلغت أشدها.
وهذا الصنيع العظيم والعجيب هو: ((أجل لما كنا خطأة، مات المسيح في الوقت المحدد من أجل قوم كافرين، ولا يموت أحد من أجل امرىء بار.. أما الله فقد أظهر محبته لنا، إذ مات المسيح من اجلنا اذ كنا خاطئين)) (رومية 5 : 6 – 8).
فيا للحب الذي لا مثيل له، أننا أخطأنا وأسخطنا الله ومن أجل ذلك صار يسوع مخلصاً لنا لأنه أحبنا ولا يريد هلاكنا.
هذا ما أوضحه لنا القديس يوحنا الرسول بقوله: ((بهذا تبينت محبة الله لنا، ان الله ارسل أبنه الوحيد الى العالم لنحيا به)) وزاد قائلاً: ((في هذا هي المحبة ليس اننا أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه غفراناً لخطايانا)) (يو 4 : 9 – 10 ).
وفي هذا العمل حقيقة المحبة وشدتها وكمالها. فهذه محبة الله الشديدة للبشر كافة. هذه هي المحبة المنقطعة النظير التي تفوق كل محلة بشرية وملائكية جهلها الأنسان او تغافل عن معرفتها، ولذا التزم ربنا يسوع في شديد حبه لنا أيضاً ان يوحي الينا بعبادة قلبه الأقدس على يد امته القديسة مرغريتا مريم ليذكرنا بشديد حبه لنا الذي تشير اليه لهبات النار الصاعدة من قلبه أتون المحبة ويدعونا في الوقت نفسه الى محبته لأنه من الواجب علينا ان نحب الله الذي أحبنا ووضع نفسه عوضنا (1 يو 3 : 16).
وفضلاً عن ذلك ان من جهل محبة الله له، تاه عنه وثبت في شروره وخطاياه ((لأن ليس لنا خلاص بغيره)). أما من عرف محبة الله وأحبه وجد في محبته هذه كثرة الخيرات وخلاصه الأبدي وسعادته الدائمة.

صلاة أمام القربان المقدّس (2)

القربان المقدّس

ربّنا يسوع المسيح، نسجُد أمامكَ في سِرِّ القربان المقدَّس مُعترفين أنّنا غير مُستحقِّين هذا السِّرّ الإلهيّ.
لذلك نُقدِّم لكَ مع الآب السّماويّ والرّوح القدُس كلّ الإكرام والسّجود.

امنحنا يا ربّ أن نُودِعَ لكَ قلوبنا ونفوسنا بالمحبّة، ونشتاقَ إليكَ ونلتمِسَ حضوركَ الدّائم معنا بالرّجاء، ونتناولكَ بالإيمان يا مَن احتجَبتَ في القربان المقدَّس، فتَغفِر لنا خطايانا وتكون لنا زاد الرّحمة والخلاص عند ساعة موتنا.

صلاة تسليم الذات

صلاة تسليم الذات

أبتي إنّي أُسَلّمُ لكَ ذاتي فافعَل بي ما تَشاء ومَهما فعَلتَ بي، فأنا شاكِرٌ لَكَ. إنّي مستَعِدٌّ لِكُلِّ شيء، وأرتَضي بكلِّ شيء، ليسّ لي رغبَةٌ أخرى يا إلهي. سوى أن تَكمُلَ إرادَتُكَ فيَّ، وفي جميعِ خلائِقِكَ.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الحادي عشر

sacred_heart_jesus_11

اليوم الحادي عشر (تأمل في رأفة قلب يسوع وتحننه على البشر ):

أقرن الرب يسوع بصفاته السنية ومزاياه العلوية حنواً تجاوزَ الحدود فقال: أن تنعمي بين بني البشر ( أمثال 8 : 31 ).
أما وداعته فقد تفاقمت عذوبة حتى انها أثرت في قلوب اعدائه الألداء أنفسهم، فأنهم قدموا أمامه امرأة زانية فلم يرذلها بل أخزى المشتكين عليها. فترك الخطأة ان يقتربوا منه لا بل خالطهم وأراد ان يُدعى مُحب العشارين والخطأة، بل من تشاهد منطرحاً على قدميه المقدستين متخذاً أياهما مأوى وملجأ ؟ .
أنك تشاهد المجدلية الخاطئة الشهيرة التي غفر لها بفعل واحد من محبته كل ما أرتكبت من الآثام وسببت من الشكوك. فيا أيتها المجدلية السعيدة لستِ انت التي خطوت الخطوة الأولى نحو هذا المعلم الألهي، بل هو الباديء الذي قرعَ باب قلبك وتوقع ان تأتي وتنطرحي على قدميه وتغسليهما بدموعكِ وتمسحيهما بشعر رأسكِ ، فقد غفر لكِ كثيراً لأنكِ أحببتِ كثيراً أو بالأحرى لأنه أحبكِ كثيراً.
أبدى المسيح عنايته حتى بالأطفال وهم غير قادرين ان يعرفوه ، لكنهم أنجذبوا اليه بمجرد وداعته، ولما أراد الرسل ان يطردوهم منعهم قائلاً : (( دعوا الصبيان يأتون اليّ )).
فباركهم وأحتضنهم ولاطفهم، اذا تركهم ابواهم أعتنى هو بهم. فأن نسيت الأم بنيها فهو لا ينساهم.
أفما رأيتَ كيف قبِلَ الأبن بنيها فهو لا ينساهم.
أفما رأيتَ كيف قبل الأبن الشاطر الذي انطرح على قدميه وقال لأبيه : (( لست أهلاً لأن أدعى لكَ إبناَ )) ؟ أما هو فبادر اليه وعانقه وضمه الى صدره والدموع تهطل من عينيه.
وحالما اظهر علامات الندم أعاد اليه حقوق الوراثة والأنعطاف الوالدي. جال هذا الراعي الصالح وهو يحسن وينعم فرأى حظيرته قد كثر مرضاها وثخنت جراحاتها وسكب عليها زيتاً وخمراً وأبراها.
فتح عيون العميان وشفى المقعدين، أبرأ العرج وشفى البرص.
بكت أم على وحيدها فتحنن قلبه عليها، لأنه يشعر بشدة الأوجاع التي تمزق قلبه الطاهر عندما تموت احدى النفوس بالخطيئة، فتقدم ولمس النعش وقال : (( ايها الشاب لكَ أقول قُم )) ثم دفعه الى امه. شاهِدهُ على قبر لعازر الذي دعاه حبيبه، فبكى عليه حتى ان اليهود لم يتمالكو ان صرخوا قائلين : أنظرو طيف كان يحبه. ( 11 : 36 ) .
وماذا تقول عن كيفية سلوكه مع تلاميذه انفسهم ؟ وبكم من الصبر الجميل احتملهم ؟ فقد خانه يهوذا ، أما هو فما زال يلقبه بأسم صاحب قائلاً : يا صاحب أبهذا أتيت ( متى 26 : 50 ) أنكره بطرس فألتفت اليه بلطف ودون ان يوبخه او يشكو منه، أبكاه بكاءاً مراً.
ونقول باجمال: ان حياة المخلص لم تكت إلا وداعة وحلما ومحبة للبشر .

هل تعلم لماذا يُصوّر القديس انطونيوس دائما وهو حامل الطفل يسوع ؟

لماذا يُصوّر القديس انطونيوس دائما وهو حامل الطفل يسوع ؟

يلاحظ ان القديس انطونيوس البادواني في معظم الصور والتماثيل يُصوّر في وضعية متشابهة.
يكون القديس راكعاً او واقفاً وعلى ذراعيه يحمل الطفل يسوع.

والقصة في ذلك هي ان القديس اثناء تنقلاته في البلاد لم يكن دائما يبيت في الدير القريب.
فقد كان يتنقل باستمرار بين القرى والمدن يعظ عن المسيح والخلاص ويردّ الى الايمان الكثير من الملحدين والهراطقة.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم العاشر

d9c55813036056c87fbcbf900cec0ffd

اليوم العاشر (تأمل في محبة قلب يسوع لنا)

ان قلب يسوع يحبنا ومن اجل حبه لنا تأنس وولد في مغارة حقيرة ومات على الصليب ليفي عن خطايانا وترك لنا ذاته في سر القربان المقدس ليغذي نفوسنا ويكون تعزيتها وخلاصها.
إن قلب يسوع يحبنا مع كثرة شرورنا وخطايانا، بل يحبنا من اجل هذه الشرور والخطايا عينها ليزيلها عنا ويزكينا، لذلك ترك لنا جميع استحقاقات حياته والآمه وموته على الصليب ليغنينا بها.
إن قلب يسوع يحبنا محلة جعلته يترك أباه وسماءه وملائكته ليأتي الينا ويساكننا ويضمنا الى صدره ويكون لنا ملجأ وملاذاً في محننا وتجاربنا. إن قلب يسوع يحبنا وقد أحبنا اكثر من نفسه اذ انه بذلها عنا فوق الصليب ومن بذل نفسه عن غيره اعطاه كل شيء ولم يبق له شيئاً.
أراد أبوه السماوي ان يرشقنا بسهام سخطه وغضبه، فمثل هو امامه وتوسط بينه وبيننا ورد عنا تلك السهام بل قبلها هو في جسده فمزقته تمزيقاً.
قبلها في قلبه فطعنته وجرحته وفتحته وأخرجت منه دماً لغسل خطايانا وخطايا العالم بأسره.
إن قلب يسوع يحبنا، لذلك لم يبال من اجل حبه لنا بكرامته ولا بمجده ولا بعظمته، فصبر على انواع الأهانات والأوجاع ولم يفتح فاه امام مقرفيه والمشتكين عليه زوراً والطالبين صلبه عوضاً عن جزيل احساناته اليهم، واليوم يصبر على هذه الأهانات وهذه الأوجاع عينها في سر القربان المقدس.
فهل من حبٍ أعظم من هذا ؟ وهل يسعنا بعد سماعنا كل ما تقدم عن محبة يسوع الشديدة لنا بكل محبة قلوبنا نادمين بل باكين على الأيام التي صرفناها في محبة الخليقة وأباطيل الدنيا ؟ فلنصلح اذن سلوكنا ولنرجع من كل قلبنا عن غيّنا الماضي لنحب يسوع كما أحبه القديسون.

القديسة الشهيدة أكويلينا الجبيلية (ذكرى استشهادها 13 حزيران)

St_Aquilina_of_Byblos

ولدت القديسة أكويلينا عام 280 في مدينة بيبلوس (جبيل) الفينيقية، وتربت تربية صالحة كسائر بنات عصرها، لا يميّزها عنهنّ سوى الذكاء الحاد والفهم النادر، وقد أدركت الرشد قبل أوانه عمراً وعقلاً.

 توفيّ والدها وهي في التاسعة من العمر، فنشأت على يد أسقف جبيل آنذاك أوتاليوس، في تعليم الإيمان المسيحي ووعت كل حقائقه. وأخذت تعلّمها وتشرحها لكل من تراه.

حياة القديس أنطونيوس البادوي

saint_anthony_life

ميلاده:

ولد القديس انطونيوس فى مدينة لشبونـة اكبر مدن البرتغال ومركز حضارتهـا، من والدين شريفي الحسب والنسب، فوالده هو مرتين دى بوليـن Martin Bouillon، والذي كان أحد رجال الحكومة وأعز فرسان الـملك الفونس الثانى ملك البرتغال، ووالدتـه هـى تريزا دى تاوير Theresa Tavejera والتى كانت من سلالة الـملك فريلا الأول Froil I الذى كان ملكاً على أحد أقاليم اسبانيـا.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم التاسع

sacred_heart_jesus_8

اليوم التاسع (تأمل في صبر قلب يسوع الأقدس)

إننا لا نتكلم في هذا التأمل على صبر يسوع، على الأحزان والأوجاع التي احتملها حباً بنا مدة اقامته معنا على الأرض. بل موضوع كلامنا يكون الآن على صبره تعالى على الاهانات التي تصيبه من الخطأة وعلى تأجيل توبتهم. ومنهم من يؤجلها الى ساعة موته وتكون إذ ذاك توبتهم من الخوف والأضطرار لا من اجل حب الله ومن التوجع على اهانته. فتمادي الخطأة في خطاياهم واصرارهم عليها حتى الموت، هو الذي يصبر عليه قلب يسوع صبراً فاق كل صبر على الأرض.
إن ايوب صبر على فقدان خيراته الزمنية وعلى موت اولاده الزمني، أما يسوع فيصبر على خسارته النفوس التي أفتداها بدمه الكريم، وهو دم يفوق جميع خيرات الأرض بما لا يقدر ولا يوصف. إن جميع التدابير التي يدبرها لخلاص الخطأة تذهب بلا جدوى لهم. انه ابوهم وهم ينكرون ابوته. انه ربهم وهم يهينون ربوبيته. انه مخلصهم وهم يرفضون خلاصه. انه فاديهم وهم يأبونَ فداءه. ولذا سمعناه يشتكي بلسان ملاخي نبيه قائلاً : (( ان كنتُ أباً فأين كرامتي، وإن كنتُ سيداً فأينَ هيبتي )) ( ملاخي 1 : 6 ).
ومما يزيد صبر الله عجباً هو طمع الخطأة في صبره هذا فأنهم يرونه صابراً عليهم فيواصلون اهانته عوض ان يتوبوا. واذا قلتم لماذا يصبر الله على الأثمة كل هذا الصبر، أجبتُ انه يصبر عليهم لكي لا يبقى لهم حجة في هلاكهم. لأن السنين عند الله كيوم واحد والصبر الطويل اجدر بالاه الرحمة من البطش والانتقام السريع، لأن الصبر فضيلة والانتقام قصاص والفضيلة اكمل وأمجد من الأنتقام.
فاذا أجل الله حسابه وأطال صبره فيقصد بذلك خير الخطأة لعلهم يتوبون لأنهم لا يزالون شعبه ورعيته ولا تزال حقوقه عليهم ثابتة.
وفي الحقيقة ان خطأة كثيرون تابوا لصبر الله عليهم وندموا وصاروا في طريق الفضيلة والقداسة.