القديسة ماريا غورتي

saint_maria_goretti

ولدت ماريا غوريتّي في إيطاليا، بالقرب من مدينة كورينالدو في السادس عشر من أكتوبر من عام 1890. وتعمّدت في السابع عشر من أكتوبر من العام نفسه وكُرّست للعذراء مريم الطاهرة.
وكانت من بين الأطفال الستة الذين رزق بهم ليغي غوريتّي وأسونتا كارليني.
وبسبب الجوع انتقلت عائلة غوريتّي الى فييريير دي كونكا بالقرب من نيتونو حيث استأجروا مزرعة في منطقة مستنقعيّة ملوّثة بالبعوض. وقد شاركت عائلة غوريتّي المزرعة مع عائلة سيرينيلّي التي سكنت في الطابق العلويّ.
تألّفت تلك العائلة من أرمل يدعى جون وابنه ألِكسندر. وقد تلقّى ألكسندر تربيةً سيّئة تقوم على التجديف بالله وعدم الصلاة وخالية من الأخلاقية. فكان يومه مليئاً بالشرب والأوامر وتوجيه الشتائم. وفي السادس من مايو من عام 1900 توفّي والد ماري.

ساندت ماري أمها كثيراً، ولم تشتكِ بتاتاً من الأعمال المكلّفة بها وكانت تردّد في أحيانٍ كثيرة الجملة التالية: “سوف يساعدنا يسوع”. وكلما كانت تكبر كان توقها لتناول المسيح من خلال القربان المقدّس يزداد معها.
وقد قالت: “إنّني أشتاق ليسوع”.
ومع ذلك لم تكن تعرف القراءة أو الكتابة، فكيف كان لها أن تكون قادرة على تعلّم الإنجيل؟
لقد ساعدها الكاهن وسيدة من القرية في ذلك وتعلّمت بسرعة كبيرة وبعد أشهر قليلة استطاعت النجاح في الإمتحانات.
وفي السادس من يونيو عام 1901، أتى اليوم المبارك الذي تناولت فيه أوّل قربان مقدّس وكان ذلك اليوم يوم عيد القربان.
كانت تتّسم ماري بالمحبة وتعكس ملامحها براءة عظيمة ونقاوة وتقوى.
وقد أحاط بها جدار من المحبة لله فكانت تقيّة لكن بالتأكيد لم تكن بسيطة. كانت تذهب ماري كلّما استطاعت لتناول القربان المقدّس. ومع ذلك، قَرُبَ حدوث النكبة. لقد كانت عائلة سيرينيلّي تستخدم المطبخ ذاته لتحضير وجباتها وكان ألكسندر يضايق ماري باستمرار بطلباته الشرّيرة والبغيضة.
وغريزياً كانت ماري تمقت الخطيّة والشيطان والضعف وكانت الفضيلة التي تشع منها هي الطهارة؛ فبدت كالزنبقة الهابطة من السماء. وصلّت: “خذني يا يسوع، إنّي أقدّم نفسي لك”.
وعندما كبرت ماري وأصبحت فتاةً يافعة بدت أكبر من عمرها فعند بلوغها الثانية عشرة بدت وكأنها في الخامس عشرة.
اتّصف ألكسندر بالاستبداد في المنزل وكان يوزّع الأعمال كما يراه ملائماً. ولتحافظ أسونتا، والدة ماري، على السلام في المنزل كانت تتحمّل تصرّفاته.
وأصبح بعد ذلك يعامل ماري بلطف ويدلّلها لتحقيق مآربه، أما الأطفال فكانوا يخافونه لكنّ ماري فهمت سبب تصرّفاته معها وكانت متيقّنة من كذبه ونفاقه وخلوّه من الطهارة. إن هذا الصبي الكبير الذي لم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه قد طعنته أجوبة ماريّا حينما أظهر بوضوح مبتغاه منها.
فحزنت ماريا وصرخت: “لا، أبداً، إنها خطيّة! لقد حرّم الله ذلك وسنذهب الى الجحيم بسببه”.

في اليوم التالي، يوم الجمعة الموافق الخامس من يوليو عام 1902، أمر ألكسندر الجميع بالذهاب لدَرس الفاصوليا، وطلب من ماري البقاء لإصلاح قميصه. فارتعش الأطفال وقالوا في أنفسهم هل هي مكيدة؟ لم تجرؤ ماري على عصيان ألكسندر ولحق بها الى المنزل. وهناك أمسك بها بشدّة بقبضته وصرخ بوجهها قائلاً: “لا توقفيني وإلا قتلتك”.
فصرخت ماري طالبةً النجدة وصارعت بشراسة. لم يتمالك ألكسندر نفسه فطعنها بسكين، مرةً تلو الأخرى الى أن وصل عدد الطعنات الى 14 طعنة زاحت إحداها عن قلبها مليمترات قليلة. انهارت ماري إثر ذلك في بركة من الدماء ونادت: “أمي، أنا أموت، أمي!” إلا أنّ ذلك لم يؤثر في الوحش الذي تركها ورحل.
بعد ذلك بقليل عاد ليتأكّد من موتها فطعنها مرّةً أخرى. ثم ذهب الى غرفته لينام على سريره، وكأنّ شيئاً لم يكن.
بعد فترة استطاعت ماري استجماع قواها وسحب نفسها الى الباب لطلب المساعدة. “ساعدوني… ساعدوني! ألكسندر…. حاول…. يحاول قتلي!” ثم فقدت الوعي.
وحينما وجدوها أخذوها الى المستشفى وخضعت لعملية دامت ساعتين. لم تعطى خلالها أي مخدّر وتملّكهم الخوف من أنّها لن تنجو. لقد عانت معاناةً مريعة، إلا أنّ شفتاها ردّدت الصلاة التالية: “يسوع لقد عانيت كثيراً لأجلي، أرجوك ساعدني في معاناتي لأجلك”.

وقال الطبيب للكاهن الذي تمّ استدعاؤه: “أبتي لقد وجدتَ ملاكاً، لكنّني خائف من أن نترك وراءنا جثّة”.
أُلقي القبض على ألكسندر بعد ساعة من ارتكابه لهذه الجريمة وكبّلت يداه بالأصفاد وأُخذ بعيداً. وكان على الشرطة أن تمنع الحشود الغاضبة من إعدامه. كما ولم يُسمح لوالدتها بقاء الليل الى جانبها. وفي منتصف الليل زارها الكاهن وقال لها أنه يودّ منها أن تلتحق بجماعة أطفال مريم. ووضع ميداليّة المعجزة بشريط أزرق حول عنقها وباركها. فقبّلت ماري صورة العذراء المقدّسة التي على الميداليّة وصلّت الكلمات التي أعطتها السيّدة العذراء لكاثرين لابوري:

مريم التي حُبِلتِ بلا دنس
صلّي لأجلنا نحن الملتجئين إليك

وفي صباح اليوم التالي، يوم الأحد الموافق السادس من يوليو عام 1902، تناولت ماري القربان المقدّس. وقد بدا وكأنّ القربان قد أُعطِيَ لملاك، فقد كان يشعّ من وجهها ضوء طبيعيّ.
وقالت:”إنّي أسامح من حاول قتلي لمحبّتي ليسوع المسيح. وسينضمّ ألكسندر إليّ في السماء، لأني سامحته وصلّيت أن يسامحه الله أيضاً.
قريباً سأقابله وجهاً لوجه!” وكانت أسونتا الى جانب ابنتها في ذلك الوقت. ونظرت ماري بمحبّة الى صورة العذراء مريم المعلّقة على
الجدار في غرفتها وهمست: “إن العذراء بانتظاري”.
وتبع ذلك نزاع مرير مع الموت. في السادس من يوليو عام 1902، وفي الساعة الثالثة وخمس وأربعين دقيقة، ماتت ماري غوريتّي وهي تقبّل الصليب عن عمر يناهز الحادية عشرة وتسعة أشهر. وبعد موتها أقام عدد لا يحصى من الناس صلاةً لها. وركع الكثيرون الى جانب قبرها وطلب وأخذ العديد منهم شفاعتها.

في السابع والعشرين من أبريل عام 1947، طوّبت العذراء المضحّية بحياتها ماري غوريتّي من قبل البابابيوس الثاني عشر. وحضر الكثيرون من جميع أنحاء العالم لتقديم الإجلال لها.
وقد مُنحت المقدّسة جديداً رمز الطهارة ألا وهو: الزنبقة وسعف النخل.
وكانت أمها أسونتا حاضرة في ذلك اليوم واجتمعت مع البابا بعد الظهر. وحُكم على ألكسندر بالسجن 30 عاماً مع الأشغال الشاقة.
وحينما سمع عن تطويب ماري وهو في زنزانته ضحك مستهزئاً: “إن كانت قدّيسة، فدعها تقم من الموت”.
لكن طرق الله غامضة. لقد ظهرت ماري لألكسندر في الحلم وأعطته زنبقة. وحينما قبل الوردة تحوّلت ماري الى لهب وامض.
وكان ذلك بداية خلاصه. وعندما زاره المطران علم أن ماري غوريتّي قد سامحت ألكسندر فقد سمعه يتمتم: “لقد سامحتني؟”
وانفجر بعد ذلك باكياً والدموع تنهمر من عينيه. إن للوحش قلب في نهاية المطاف. وقد ذهب للاعتراف عند الكاهن بجريمته كاملةً
. وفي عيد الميلاد في سنة 1937 أقدم على أصعب خطوة في حياته ألا وهي سفره لزيارة أسونتا والدموع تنهمر من عينيه طالباً وراجياً منها أن تسامحه.
فقالت له بكل بساطة: “إن سامحتك ماري، لما عليّ أن لا أسامحك؟”.
وفي ليلة الميلاد، شوهدت أسونتا راكعةً عند حاجز المذبح الى جانب قاتل ابنتها العزيزة. ودخل بعد ذلك الى دير بطلبٍ من الراهب البينيديكتيّ وأوكلت له مهام الحديقة وعُرف بالأخ ستيفانو. وبذلك تحقّقت أمنية ماري غوريتّي التي تمنّتها وهي على فراش الموت.

في الرابع والعشرين من يونيو عام 1950، أعلن البابا بيوس الثاني عشر عن قداسة ماري غوريتّي، بحضور ألكسندر قاتِلِها وأمّها.
وقد شهد على ذلك المطارنة والدبلوماسيين وأعضاء من النبلاء الرومان في كاتدرائية سان بطرس في روما.
لقد سامحت ماري غوريتّي قاتِلها قبل موتها. وكانت في نظر الكنيسة مثالاً لكل العذارى.
كما أنها قديسة راعية لجميع الشابات.

ويوافق عيدها السادس من يوليو.

إنّ ماري غوريتّي الفتاة الصغيرة، ما هي إلا مصدر لكل ما هو صالح.
وقد جُسّدت قصّة حياتها في فيلم إيطاليّ يدعى “سييلو سولا بالود” (السماء فوق المستنقع).
إنّها الفتاة التي اختارت الموت بدلاً من الخطيئة. ومن خلال تلك النقاوة قابلت الرب.
كما واختارتها وحدة النساء الكاثوليكيّة الإيطالية كقديسة شفيعة لهم وكمثال لجميع الشابّات.
وُضع جسدها في كنيسة سيدتنا سيدة الرحمة في نيتونو. إن ماري غوريتّي تخدم الشابات اليوم، في وقت الفساد الأخلاقيّ، وعدم الإخلاص، وتدنّي الأخلاق، وتمثّل النقاوة والاستقامة الروحيّة. وقد أبرز الأب الكاهن بيو فان بيتريلسينا الذي طوّب مؤخراً هذا المشهد التأملي من الحياة.
إن قداسة ماري غوريتّي لم تكن بسبب اختيارها للموت بدلاً من الخطيّة فقط، بل أيضاً بسبب شجاعتها وقوّتها في المواجهة والاستشهاد بشجاعة؛ بالإضافة الى الفضائل التي تتمتّع بها وسط عائلتها، وروح الصلاة والكفّارة، وولائها التام للقديسة مريم والقربان المقدّس وتناولها إيّاه.
وقد عزّز رسالتها ثلاثة قدّيسين عظماء من بينهم البابا بيوس الرابع عشر والقديسة تريز قديسة ليزيو والقديسة جيمّا غالجاني.
إن بياناتها ومفاهيمها قد بانت بعد خمس عشرة سنة من وفاتها ومرة أخرى كُرّرت من قبل القديسة مريم في 1917 في فاطيما.

وصلاتها القصيرة كالتالي: “يا ماري غوريتّي المقدّسة احرسي شبيبة العالم”

عندما يسكن الرب في قلوبنا نستطيع بذلك عمل أشياء عظيمة. لا يهم كم عمرنا أو حجم قوّتنا أو وضعنا.
فحينما نسلّم أنفسها بالكامل الى الرب حينها يستخدمنا بطرق لم نكن لنحلم بها أو نتصوّرها.
فأحياناً كما فعل مع جان دارك يرسلنا الى معارك لم نكن مستعدّين لها- بأسلحة لم نستعملها من أجل إظهار القوّة أو الشجاعة بل من أجل الإيمان البسيط.
لقد كانت ماريا غوريتّي في الثانية عشر من عمرها حينما خضعت للامتحان وقد كانت تعلم في صميمها أن الله في نظرها هو العليّ الصالح فقط.
لم يكن هناك أي شيء قد قرّرته ماريا كان ليبعدها عن بصر الرب. لكن هذا تطلّب تضحية كبيرة بحياتها. إن قصّتها قصّة مفيدة-يستوحي منها كلّ من يقرؤها وتغنيه بفحواها.

إن القصة الحقيقيّة السابقة تبدو كصراع شخصيّ بين الله والشيطان وقد جسّدتها ماري غوريتّي في حياتها التي أتت مثالاً على ذلك.

Comments

comments

  • saint_maria_goretti

    القديسة ماريا غورتي

    ولدت ماريا غوريتّي في إيطاليا، بالقرب من مدينة كورينالدو في السادس عشر من أكتوبر من عام 1890. وتعمّدت في السابع عشر من أكتوبر من العام نفسه وكُرّست للعذراء مريم الطاهرة.
    وكانت من بين الأطفال الستة الذين رزق بهم ليغي غوريتّي وأسونتا كارليني.
    وبسبب الجوع انتقلت عائلة غوريتّي الى فييريير دي كونكا بالقرب من نيتونو حيث استأجروا مزرعة في منطقة مستنقعيّة ملوّثة بالبعوض. وقد شاركت عائلة غوريتّي المزرعة مع عائلة سيرينيلّي التي سكنت في الطابق العلويّ.
    تألّفت تلك العائلة من أرمل يدعى جون وابنه ألِكسندر. وقد تلقّى ألكسندر تربيةً سيّئة تقوم على التجديف بالله وعدم الصلاة وخالية من الأخلاقية. فكان يومه مليئاً بالشرب والأوامر وتوجيه الشتائم. وفي السادس من مايو من عام 1900 توفّي والد ماري.

    ساندت ماري أمها كثيراً، ولم تشتكِ بتاتاً من الأعمال المكلّفة بها وكانت تردّد في أحيانٍ كثيرة الجملة التالية: “سوف يساعدنا يسوع”. وكلما كانت تكبر كان توقها لتناول المسيح من خلال القربان المقدّس يزداد معها.
    وقد قالت: “إنّني أشتاق ليسوع”.
    ومع ذلك لم تكن تعرف القراءة أو الكتابة، فكيف كان لها أن تكون قادرة على تعلّم الإنجيل؟
    لقد ساعدها الكاهن وسيدة من القرية في ذلك وتعلّمت بسرعة كبيرة وبعد أشهر قليلة استطاعت النجاح في الإمتحانات.
    وفي السادس من يونيو عام 1901، أتى اليوم المبارك الذي تناولت فيه أوّل قربان مقدّس وكان ذلك اليوم يوم عيد القربان.
    كانت تتّسم ماري بالمحبة وتعكس ملامحها براءة عظيمة ونقاوة وتقوى.
    وقد أحاط بها جدار من المحبة لله فكانت تقيّة لكن بالتأكيد لم تكن بسيطة. كانت تذهب ماري كلّما استطاعت لتناول القربان المقدّس. ومع ذلك، قَرُبَ حدوث النكبة. لقد كانت عائلة سيرينيلّي تستخدم المطبخ ذاته لتحضير وجباتها وكان ألكسندر يضايق ماري باستمرار بطلباته الشرّيرة والبغيضة.
    وغريزياً كانت ماري تمقت الخطيّة والشيطان والضعف وكانت الفضيلة التي تشع منها هي الطهارة؛ فبدت كالزنبقة الهابطة من السماء. وصلّت: “خذني يا يسوع، إنّي أقدّم نفسي لك”.
    وعندما كبرت ماري وأصبحت فتاةً يافعة بدت أكبر من عمرها فعند بلوغها الثانية عشرة بدت وكأنها في الخامس عشرة.
    اتّصف ألكسندر بالاستبداد في المنزل وكان يوزّع الأعمال كما يراه ملائماً. ولتحافظ أسونتا، والدة ماري، على السلام في المنزل كانت تتحمّل تصرّفاته.
    وأصبح بعد ذلك يعامل ماري بلطف ويدلّلها لتحقيق مآربه، أما الأطفال فكانوا يخافونه لكنّ ماري فهمت سبب تصرّفاته معها وكانت متيقّنة من كذبه ونفاقه وخلوّه من الطهارة. إن هذا الصبي الكبير الذي لم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه قد طعنته أجوبة ماريّا حينما أظهر بوضوح مبتغاه منها.
    فحزنت ماريا وصرخت: “لا، أبداً، إنها خطيّة! لقد حرّم الله ذلك وسنذهب الى الجحيم بسببه”.

    في اليوم التالي، يوم الجمعة الموافق الخامس من يوليو عام 1902، أمر ألكسندر الجميع بالذهاب لدَرس الفاصوليا، وطلب من ماري البقاء لإصلاح قميصه. فارتعش الأطفال وقالوا في أنفسهم هل هي مكيدة؟ لم تجرؤ ماري على عصيان ألكسندر ولحق بها الى المنزل. وهناك أمسك بها بشدّة بقبضته وصرخ بوجهها قائلاً: “لا توقفيني وإلا قتلتك”.
    فصرخت ماري طالبةً النجدة وصارعت بشراسة. لم يتمالك ألكسندر نفسه فطعنها بسكين، مرةً تلو الأخرى الى أن وصل عدد الطعنات الى 14 طعنة زاحت إحداها عن قلبها مليمترات قليلة. انهارت ماري إثر ذلك في بركة من الدماء ونادت: “أمي، أنا أموت، أمي!” إلا أنّ ذلك لم يؤثر في الوحش الذي تركها ورحل.
    بعد ذلك بقليل عاد ليتأكّد من موتها فطعنها مرّةً أخرى. ثم ذهب الى غرفته لينام على سريره، وكأنّ شيئاً لم يكن.
    بعد فترة استطاعت ماري استجماع قواها وسحب نفسها الى الباب لطلب المساعدة. “ساعدوني… ساعدوني! ألكسندر…. حاول…. يحاول قتلي!” ثم فقدت الوعي.
    وحينما وجدوها أخذوها الى المستشفى وخضعت لعملية دامت ساعتين. لم تعطى خلالها أي مخدّر وتملّكهم الخوف من أنّها لن تنجو. لقد عانت معاناةً مريعة، إلا أنّ شفتاها ردّدت الصلاة التالية: “يسوع لقد عانيت كثيراً لأجلي، أرجوك ساعدني في معاناتي لأجلك”.

    وقال الطبيب للكاهن الذي تمّ استدعاؤه: “أبتي لقد وجدتَ ملاكاً، لكنّني خائف من أن نترك وراءنا جثّة”.
    أُلقي القبض على ألكسندر بعد ساعة من ارتكابه لهذه الجريمة وكبّلت يداه بالأصفاد وأُخذ بعيداً. وكان على الشرطة أن تمنع الحشود الغاضبة من إعدامه. كما ولم يُسمح لوالدتها بقاء الليل الى جانبها. وفي منتصف الليل زارها الكاهن وقال لها أنه يودّ منها أن تلتحق بجماعة أطفال مريم. ووضع ميداليّة المعجزة بشريط أزرق حول عنقها وباركها. فقبّلت ماري صورة العذراء المقدّسة التي على الميداليّة وصلّت الكلمات التي أعطتها السيّدة العذراء لكاثرين لابوري:

    مريم التي حُبِلتِ بلا دنس
    صلّي لأجلنا نحن الملتجئين إليك

    وفي صباح اليوم التالي، يوم الأحد الموافق السادس من يوليو عام 1902، تناولت ماري القربان المقدّس. وقد بدا وكأنّ القربان قد أُعطِيَ لملاك، فقد كان يشعّ من وجهها ضوء طبيعيّ.
    وقالت:”إنّي أسامح من حاول قتلي لمحبّتي ليسوع المسيح. وسينضمّ ألكسندر إليّ في السماء، لأني سامحته وصلّيت أن يسامحه الله أيضاً.
    قريباً سأقابله وجهاً لوجه!” وكانت أسونتا الى جانب ابنتها في ذلك الوقت. ونظرت ماري بمحبّة الى صورة العذراء مريم المعلّقة على
    الجدار في غرفتها وهمست: “إن العذراء بانتظاري”.
    وتبع ذلك نزاع مرير مع الموت. في السادس من يوليو عام 1902، وفي الساعة الثالثة وخمس وأربعين دقيقة، ماتت ماري غوريتّي وهي تقبّل الصليب عن عمر يناهز الحادية عشرة وتسعة أشهر. وبعد موتها أقام عدد لا يحصى من الناس صلاةً لها. وركع الكثيرون الى جانب قبرها وطلب وأخذ العديد منهم شفاعتها.

    في السابع والعشرين من أبريل عام 1947، طوّبت العذراء المضحّية بحياتها ماري غوريتّي من قبل البابابيوس الثاني عشر. وحضر الكثيرون من جميع أنحاء العالم لتقديم الإجلال لها.
    وقد مُنحت المقدّسة جديداً رمز الطهارة ألا وهو: الزنبقة وسعف النخل.
    وكانت أمها أسونتا حاضرة في ذلك اليوم واجتمعت مع البابا بعد الظهر. وحُكم على ألكسندر بالسجن 30 عاماً مع الأشغال الشاقة.
    وحينما سمع عن تطويب ماري وهو في زنزانته ضحك مستهزئاً: “إن كانت قدّيسة، فدعها تقم من الموت”.
    لكن طرق الله غامضة. لقد ظهرت ماري لألكسندر في الحلم وأعطته زنبقة. وحينما قبل الوردة تحوّلت ماري الى لهب وامض.
    وكان ذلك بداية خلاصه. وعندما زاره المطران علم أن ماري غوريتّي قد سامحت ألكسندر فقد سمعه يتمتم: “لقد سامحتني؟”
    وانفجر بعد ذلك باكياً والدموع تنهمر من عينيه. إن للوحش قلب في نهاية المطاف. وقد ذهب للاعتراف عند الكاهن بجريمته كاملةً
    . وفي عيد الميلاد في سنة 1937 أقدم على أصعب خطوة في حياته ألا وهي سفره لزيارة أسونتا والدموع تنهمر من عينيه طالباً وراجياً منها أن تسامحه.
    فقالت له بكل بساطة: “إن سامحتك ماري، لما عليّ أن لا أسامحك؟”.
    وفي ليلة الميلاد، شوهدت أسونتا راكعةً عند حاجز المذبح الى جانب قاتل ابنتها العزيزة. ودخل بعد ذلك الى دير بطلبٍ من الراهب البينيديكتيّ وأوكلت له مهام الحديقة وعُرف بالأخ ستيفانو. وبذلك تحقّقت أمنية ماري غوريتّي التي تمنّتها وهي على فراش الموت.

    في الرابع والعشرين من يونيو عام 1950، أعلن البابا بيوس الثاني عشر عن قداسة ماري غوريتّي، بحضور ألكسندر قاتِلِها وأمّها.
    وقد شهد على ذلك المطارنة والدبلوماسيين وأعضاء من النبلاء الرومان في كاتدرائية سان بطرس في روما.
    لقد سامحت ماري غوريتّي قاتِلها قبل موتها. وكانت في نظر الكنيسة مثالاً لكل العذارى.
    كما أنها قديسة راعية لجميع الشابات.

    ويوافق عيدها السادس من يوليو.

    إنّ ماري غوريتّي الفتاة الصغيرة، ما هي إلا مصدر لكل ما هو صالح.
    وقد جُسّدت قصّة حياتها في فيلم إيطاليّ يدعى “سييلو سولا بالود” (السماء فوق المستنقع).
    إنّها الفتاة التي اختارت الموت بدلاً من الخطيئة. ومن خلال تلك النقاوة قابلت الرب.
    كما واختارتها وحدة النساء الكاثوليكيّة الإيطالية كقديسة شفيعة لهم وكمثال لجميع الشابّات.
    وُضع جسدها في كنيسة سيدتنا سيدة الرحمة في نيتونو. إن ماري غوريتّي تخدم الشابات اليوم، في وقت الفساد الأخلاقيّ، وعدم الإخلاص، وتدنّي الأخلاق، وتمثّل النقاوة والاستقامة الروحيّة. وقد أبرز الأب الكاهن بيو فان بيتريلسينا الذي طوّب مؤخراً هذا المشهد التأملي من الحياة.
    إن قداسة ماري غوريتّي لم تكن بسبب اختيارها للموت بدلاً من الخطيّة فقط، بل أيضاً بسبب شجاعتها وقوّتها في المواجهة والاستشهاد بشجاعة؛ بالإضافة الى الفضائل التي تتمتّع بها وسط عائلتها، وروح الصلاة والكفّارة، وولائها التام للقديسة مريم والقربان المقدّس وتناولها إيّاه.
    وقد عزّز رسالتها ثلاثة قدّيسين عظماء من بينهم البابا بيوس الرابع عشر والقديسة تريز قديسة ليزيو والقديسة جيمّا غالجاني.
    إن بياناتها ومفاهيمها قد بانت بعد خمس عشرة سنة من وفاتها ومرة أخرى كُرّرت من قبل القديسة مريم في 1917 في فاطيما.

    وصلاتها القصيرة كالتالي: “يا ماري غوريتّي المقدّسة احرسي شبيبة العالم”

    عندما يسكن الرب في قلوبنا نستطيع بذلك عمل أشياء عظيمة. لا يهم كم عمرنا أو حجم قوّتنا أو وضعنا.
    فحينما نسلّم أنفسها بالكامل الى الرب حينها يستخدمنا بطرق لم نكن لنحلم بها أو نتصوّرها.
    فأحياناً كما فعل مع جان دارك يرسلنا الى معارك لم نكن مستعدّين لها- بأسلحة لم نستعملها من أجل إظهار القوّة أو الشجاعة بل من أجل الإيمان البسيط.
    لقد كانت ماريا غوريتّي في الثانية عشر من عمرها حينما خضعت للامتحان وقد كانت تعلم في صميمها أن الله في نظرها هو العليّ الصالح فقط.
    لم يكن هناك أي شيء قد قرّرته ماريا كان ليبعدها عن بصر الرب. لكن هذا تطلّب تضحية كبيرة بحياتها. إن قصّتها قصّة مفيدة-يستوحي منها كلّ من يقرؤها وتغنيه بفحواها.

    إن القصة الحقيقيّة السابقة تبدو كصراع شخصيّ بين الله والشيطان وقد جسّدتها ماري غوريتّي في حياتها التي أتت مثالاً على ذلك.

    Comments

    comments

أقرأ المزيد
  • حياة القديس جابريل لسيدة الآلام

    حياة القديس جابريل لسيدة الآلام، شفيع الشباب

    عيده 27 فبراير

    وُلِد “فرانشيسكو پوسّنتي” (جابريل فيما بعد) في 1 مارس 1838م، في أسيزي بإيطاليا.
    كان ترتيبه الحادي عشر بين ثلاثة عشر أخاً وأختاً. لأبيه “سانتي” الموظف بالحُكم المحلي و أمه “أجنيس”.
    نال امعمودية يوم ميلاده بإسم “فرانشيسكو” تيمُناً بكونه أسيزي مثل القديس فرنسيس الأسيزي.
    إنتقل والد فرانشيسكو بعد وقت قصير للعمل في “مونتالتو” ثم إلى “سبوليتو” حيث أصبح مُثَمِّن قضائي عام 1841م.
    في “سبوليتو” عانت الأسرة من ظروف محزنة عديدة: في ديسمبر نفس عام الإنتقال إلى “سبوليتو” توفيت الإبنة الرضيعة “روزا”، ثم توفيت الإبنة “أديلا” ذات السبعة أعوام في يناير 1842م، ثم توفيت الأم “أجنيس” في نفس العام 1842م. وقتها كان فرانشيسكو في الرابعة من عمره.

    في طفولته كان فرانشيسكو طفلاً صعب المِراس حيث كان شديد العصبية لفقدانه أمه في سن صغير، لكنه في المراهقة أصبح محل محبة وتقدير معارفه وجيرانه، لأنه كان مُهتماً بأعمال الرحمة الروحية والجسدية، كما تعلَّم من الإنجيل، فأصبحا المحبة والعطاء يغلبان على الطابع العصبي.
    كما اشتُهِر بأناقته واعتدال مظهره، لكن بقيَ من مفاعيل المُراهقة أنه كان مشغولاً بحضور حفلات المجتمع الراقي في “سبوليتو” وسرعان ما أصبح أفضل من يجيد الإتيكيت ومراقصة الفتيات.

    إرتبط عاطفياً بإحدى فتيات المدينة واعتزم خطبتها، لكن تصادف في نفس الفترة أن يزور ديراً لإخوة يسوع، وكان للزيارة أثراً في تحريك دعوة مُغايرة لدعوة الزواج، فبدأ يتكوَّن روحياً وتعليمياً في ديرهم، ثم انتقل ليقضي بعض الوقت في التكوين الدين العلمي لدى جامعة الأباء اليسوعيين في “سبوليتو” وقد أظهر إهتماماً وبراعة ملحوظة في الدراسة والتأمل، كما أتقن اللغة اللاتينية. وفي نفس الوقت تكونت رؤية واضحة لدى فرانشيسكو بأن دعوته هي في تكريس حياته لله من أجل الرسالة، ولكنه لم يتخذ قراراً بذلك.

    عام 1851م مَرِضَ فرانشيسكو، ولكنه تمسَّك بالأمل بأنه إن كُتِبَ له الشفاء فسيذهب فوراً ليترهَّب، ثم نسىَ وعده. وتكرَّر الأمر عندما نجى من رصاصة طائشة كادت تصيبه أثناء رحلة صيد مع أقرانه. ثم عادت تُخَيِّم الأحداث المُحزنة على الأسرة مرّة أخرى، فقد توفي شقيقه “باولو”، وانتحر شقيق آخر هو “لورنزو” في عام 1853م. وعاود المرض جسد فرانشيسكو تأثراً بوفاة شقيقيه، وكانت محنة المرض أشدّ من سابقتها. حينها قرَّر أن يقدِّم النذر الرهباني حال شفائه، وبالفعل أتمّ ذلك.

    تقدَّم بداية للإلتحاق بالرهبنة اليسوعية، ولأسباب غير معلومة لم يتم قبوله. فكانت صدمة شديدة رافقتها صدمة وفاة شقيقته الكبرى “ماريا لوسيا” بالكوليرا وهي التي كانت الأقرب إلى قلبه لأنها إعتنت به بعد وفاة والدته.

    الـــدعــــوة:
    الأخ “أولوسيوس” الراهب الدومنيكاني وشقيق فرانشيسكو، قام بإرشاده للتقدُّم لرهبنة آلام المسيح “Passionists” في مدينة “مورّوﭬـالي”. لم تكن هذه الخطوة تروق والد فرانشيسكو الذي استعان بكثير من الأقارب لكي يقنعوا فرانشيسكو بالعدول عن فكرة الترهُّب. إلا أن محاولاتهم لم تنجح. دخل فرانشيسكو مرحلة الإبتداء كطالب رهبنة في 19 سبتمبر 1856م. بعدها بيومين تسلَّم زيّ رهبنة آلام المسيح، تحت اسم الأخ “جابريل للعذراء سيدة الآلام” وقد جعل موضع تأمله وتكريسه في العذراء سيدة الآلام (الأحزان) لأنه كان دائماً يرى فيها الأم التي تُشاركه كل الأحزان التي ألمت به في محيط أسرته، بداية من اليُتم في سن مبكر ومروراً بوفاة بعض أشقاءه. وفي العام التالي أعلن جابريل نذوره للرهبنة. وكان مُرشده الروحي هو الأب “نوربرت للقديسة مريم”.

    عام 1858 م إنتقل “جابريل” مع بعض زملائه طلبة الرهبنة إلى مدينة “بيـﭬـيتورينا” لإستكمال الدراسة لمدة عام، ثم إضطروا بسبب إضطرابات حدثت هناك أن ينتقلوا إلى دير “ايزولا ديل جران ساسو” ببلدية “تيرامو”.

    إمتاز الأخ “جابريل” بتفوقه الأكاديمي بالتلازُم مع إرتفاع قامته الروحية بالصلوات والأصوام والتأمل بالكتاب المقدس. وفي الوقت نفسه بدأت تظهر عليه أعراض مرض السُلّ.
    لم يكن خبر مرضه بالسُلّ مُحزِناً له، بل كان في الحقيقة مُفرِحاً! لأنه قرَّر أن يتوحد بآلام كل المرضى، ويدخل مدرسة الألم بشجاعة، بل إنه صلّىَ أن يموت ببطئ كي يزداد تقدُّساً بالألم.

    كان دخوله في الألم غريباً، فبدل من أن تعود إليه طباعه العصبية التي عاش بها في طفولته، بدىَ أكثر صبراً وابتساماً، وحافظ على واجباته الرهبانية كاملة، برغم أنه كان معفياً من بعضها بحُكم المرض ورأي الأطباء. وعندما سائت الته ورقد على فراش الموت دون أن يستطيع القيام بواجباته، صار هو مصدر إلهام لإخوته بالدير، وكانوا يقضوا كل أوقات راحتهم معه ليكتسبوا حماساً و بسالة منه. قُبَيل وفاته طلب إراق مذكراته الروحية، حتى لا تكون مجال إكرام له بعد وفاته، لأنه كان يرى نفسه غير مُستحِقّ. فقط بقيت مخطوطات مراسلاته، ودراسته.

    أثناء الخلوة الروحية بالدير التي تسبق نَيل سرّ الكهنوت، توفيَ جابريل بين إخوته بعطر القداسة وهو يحمل الصليب وصورة العذراء سيدة الآلام، مُبتسماً بسلام، في 27 فبراير 1862م قبل أن يُكمل عامه الرابع والعشرين بأيام.
    شهود واقعة وفاته، قالوا أنه جلس في سريره بعد أن كان راقداً لا يقوى على النهوض، وكان ينظر إلى نور أشرق في غرفته وارتسم بشكل كيان، لم يميز الإخوة هيئة ذلك الكيان النوراني، لكنه كان السيدة العذراء على الأرجح.
    يقول أحد الحاضرين وهو الأخ “برناردو ماريا ليسوع” أنه كان يشعر بالخجل من كونه لم يصل إلى هذه القامة الروحية التي وصل إليها جابريل برغم كونه قد دخل الإبتداء في نفس اليوم معه.

    المصدر الرئيسي لقصة هذا الراهب الشاب القديس، كان ما دونه عنه مرشده الروحي الأب “نوربرت للقديسة مريم”.

    تم دفن الأخ جابريل في دير”ايزولا ديل جران ساسو” ببلدية “تيرامو”. في عام 1866م تم إجبار الرهبان على إخلاء هذا الدير، ولت الكنيسة التي دُفِنَ جابريل تحت أحد مذابحها مهجورة لمدة 30 عام. على مستوى شعبي – غير رسمي – إشتهرت سيرة قداسة الأخ جابريل في “تيرامو” وكان الناس يستشفعون به قبل أي إجراء لفت دعوى تطويبه. ولّوا يتوافدون على كنيسة الدير المهجورة يطلبون شفاعته، وكثيراً ما نالوا بها نعماً كانوا في حاجة إليها.
    جائت لجنة من الإخوة رهبان آلالام المسيح ليعاينوا رفات القديس ويكتبون تقريراً عن حالتها، يرفقونه بطلب فتح دعوى تطويبه، فتجمهر الناس ظَنّاً منهم أنهم سيقومون بنقل الرفات من الكنيسة وناشدوهم ألا يفعلوا ذلك.
    ثم بعد عامين عاد الرهبان بقرار حكومي إلى دير “ايزولا ديل جران ساسو” ليمارسوا حياتهم الرهبانية به.
    معجزتي شفاء موثقتين من بين كَمّ معجزات لم يتمكن أصحابها من إيجاد أدلة عليها، كانتا سبباً في تطويب الأخ جابريل: هما شفاء السيدة “ماريا مازيريلاّ” من السُلّ الرئوي والإلتهاب الأنسجة المُغَلِّفة للعظم. وشفاء لحظي لشخص يُدعى “دومنيك” من الفتق.

    كما كان معروفاً من سيرة حياة القديسة “ﭼـيما جالجاني” أنها نالت الشفاء بشفاعته وهو من قادها روحياً للترهُّب برهبنة آلام المسيح للبنات، كما تصادف أنها توفيت بعطر القداسة في نفس عمره.
    يُعتبر مزاره في دير “ايزولا ديل جران ساسو” هو أحد أماكن الحجّ الروحي الشهيرة بإيطاليا، التي يتوافد عليه الملايين سنوياً.

    تم تطويب الأخ جابريل لسيدة الآلام عن يد البابا بيوس العاشر عام 1908م وقد حضر التطويب مرشده الروحي وبعض الإخوة الذين عاصروه في دير الإبتداء. وتم إعلان قداسته عن يد البابا بندكتس الخامس عشر عام 1920م، ودعاه شفيعاً للشباب الكاثوليكي. وشفيع طلبة الإكليركيات.

    شهادة حياته وبركة شفاعته فلتكن معنا. آمين.

    Comments

    comments

  • القديس نيقولاوس

    القديس نيقولاوس – أسقف مايرا

    شفيع الأطفال الصغار و أطفال المدارس

    كان القديس نيقولاوس أسقف مدينة تدعى مايرا في لسيا التابعة للامبراطورية البيزنطية (تركيا) في أوائل القرن الرابع الميلادي حيث كان كاهنا مسيحيا و أصبح أسقفا فيما بعد.
    كان شخصا ثريا و جاب البلاد يساعد الناس و يوزع الهدايا من الأموال و الهدايا الأخرى.

    يُعرف هذا القديس في هولندا و شمال بلجيكا باسم القديس نيكولاس أو سينتركلاوس.
    وصل إلى هولندا عبر البحر من إسبانيا قبل أسبوعين من عيد مولده التقليدي في 6 كانون الأول مع مساعده بيت الأسود و الذي سيساعده في توزيع الهدايا و الحلوى على جميع الأطفال الجيدين.

    تخبرنا أشهر قصة عن القديس نيقولاوس كيف ساعد ثلاث أخوات شابات تعيسات كان الشبان يتقدمون لخطبتهن و لكن لم يكن لديهن مهور لأن والدهن و هو نبيل فقير لم يكن قادرا على توفير المال و لم تتمكنّ من الزواج بسبب ذلك.

    من المرجح أنه قد توفي في 6 كانون الأول عام 346 في مايرا، لذلك يحتفل بعيده في هذا التاريخ.
    و يعتقد أن ذخائره موجودة في باري بإيطاليا. و هو معروف لكرمه الشديد كما أنه شفيع الأطفال الصغار و أطفال المدارس.

    هذا هو أكثر ما يعرف عنه في الغرب.

    عيده: 6 كانون الأول/ ديسمبر

    Comments

    comments

  • حياة القديس مارتن دي بورس

    حياة القديس مارتن دي بورس

     

    ولد مارتن عام 1579م في ليما عاصمة ﺑﻴﺮﻭ لأب إسباني نبيل وأم ﻋﺒﺪﺓ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ.
    بعد ميلاد شقيقته التي كانت تصغره بعامين تخلى الأب عنهما، وعملت الأم أعمال بسيطة لتنفق عليهما.
    وبعد عامين من التعليم الأساسي تم تحويل مارتن لتعلم أعمال التمريض حيث كان هذا هو التعليم الوحيد المتاح للسود إذ كان محظور عليهم استكمال تعليم عال.
    تربى مارتن في فقر شديد لكنه تعلم الإيمان في بيت أمه، كان يعمل في النهار ويسهر للصلاة في الليل.

    في سن 15 أراد مارتن الإلتحاق برهبنة الدومنيكان ليصير راهبا وكاهنا.
    ولكن بحسب القوانين في دولة بيرو المحتلة من إسبانيا كان ممنوعا على الأفارقة والهنود ومختلطي العرق الترهب من الدرجة الأولى أو الكهنوت، فطلب مارتن أن يكون أخ مكرس من الدرجة الثالثة المسماة درجة الوردية المقدسة. وهي درجة تكريس أقل من الرهبنة، ويسند لأصحابها الأعمال الإدارية والخدمية مع دراسة الكتاب المقدس واللاهوت.

    فإضطرت الرهبنة لقبوله كخادم فقط دون أن تعطيه درجة مكرس، فتقبل مارتن دي بورس الأحكام والقوانين العنصرية بتواضع حبا ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ ودون أن يحاول الإستناد لنسب أبيه، كما لم يرتدي زي تكريس الدرجة الثالثة إلا في سن 24 بعد اشتهار حسن سيرته واتضاعه وإلتزامه بالتكريس برغم عدم قبول تكرسه رسميا!

    إلتزم الأخ مارتن الفقر والطاعة والعفة وتجرد عن كل زينة وصام عن اللحوم، كما كان يتبنى أقل الأعمال ﻗﻴﻤﺔ حتى يكسر كبرياءه بعد إرتداء زي ﺍﻟﺘﻜﺮﻳﺲ، إذ إلتزم بأعمال النظافة للمكان الذي تولاه كما كان وهو ﺧﺎﺩﻡ، وخدمة المسنين بكل قلبه.
    كما أنشأ دار ﻟﻸﻳﺘﺎﻡ تولاها بنفس الرعاية. إشتهر بالـرحــمــة وشهد أكثر من شخص معجزات إرتفاعه عن الأرض أثناء ﺍﻟﺼﻼﺓ، وكذلك بالسياحة (أي التواجد بمكانين ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﻳﻦ في نفس الوقت). والدخول من أبواب ﻣﻐﻠﻘﺔ.
    كما اشتهر بمعرفة معجزية رغم دراسته المحدودة بالنسبة لأقرانه من الرهبان والمكرسين. وأيضا اشتهر بقدرته على التواصل مع الحيوانات وفهمها، إذ كان يرعاها ويرحمها أيضا.
    إلى جانب معجزات شفاء كثيرة تمت في الحال لمرضى كان يخدمهم.
    يذكر أنه كان مأخوذا بعبادة القربان الأقدس لدرجة أنه وفيما كان رﺍكعا أمامه على إحدى درجات سلم ﺍﻟﻤﺬﺑﺢ إشتعلت حوله النار ودخل كل من كانوا ﻭﺭﺍءﻩ في حالة ذعر وفوضى فيما لم يكن هو واعيا لما يحدث.
    كما يحكى عن رحمته أنه عندما امتلأت الأسرة بالمسنين في الدار، بينما وجد فقيرا مسنا يتسول وهو شبه عاري، أخذه مارتن وأعطاه فراشه الخاص، وعندما ﻻﻣﻪ أحد الإخوة لأن الرجل لم يكون نظيفا لينام في فراشه حتى الصباح، أجاب دي بورس : “الرحمة أفضل من النظافة”.

    أشهر معجزاته إبهارا ﻛﺎﻥ عندما ضرب الوباء ليما وأصاب 60 من الرهبان المبتدئين، فتم إغلاق باب ﻳﻔﺼﻞ دير الإبتداء عن دير الرهبان الأقدم حتى لا تنتشر العدوى وكان بين دير المكرسين القدماء مارتن دي بورس، الذي أراد أن يتمكن من خدمتهم، بل ونقلهم إلى دير الرهبان الأقدم لإتساعه ووجود وسائل تدفئة فيه. ونقل عدد منهم بالفعل من خلال إنتقاله بين الديرين والباب بينهما مفلق ومفتاحه ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ مع مدبر الدير.

    توفي مارتن دي بورس عن عمر 59 قضى معظمها في خدمة المسنين والرحمة بكل من حوله. فإعتبر رداءه التكريسي وسيلة للتبرك، واعتبره معاصريه قديس قبل رفع دعوى تطويبه من كثرة النعم والمراحم السماوية التي تمت بشفاعته.

    وتعيد له الكنيسة في ذكرى إنتقاله 3 نوفمبر، وتضعه كشفيع للهجناء (مختلطي العرق) ومن يعانون العنصرية.

    بركة شفاعته وشهادة حياته فلتكن معنا. آمين.

    Comments

    comments

أقرأ المزيد من  سير قديسين

Facebook Comments

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

صلاة روحية

يا ملاك الله حارسي، المولى أمري من قبل رأفته تعالى، نوّرني، وأحرسني، وارعني، ودبّرني. آمين

اعلان

Facebook