تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الخامس

sacred_heart_jesus_5

اليوم الخامس ( تأمل في الإله المتروك):

ان ذنب الذين يجهلون الله ويتركونه، هو أقل جرماً من ذنب الذين يعرفونه ويعرضون عنه. ولذا لم يتشكّ الله سبحانه في العهد القديم من الأمم والوثنيين الذين تركوه في جهلهم اياه وعبدوا الآلهة الغريبة عوذه. بل تشكى من شعبه اسرائيل الذين عرفوه وشهدوا قواته في أرض مصر وفي بلد صاغان ومع ذلك تركوه وعبدوا البعل وعشتروت، فقال لهم بلسان أرميا نبيه: ((اسمعو يا بيت يعقوب وجميع قبائل بيت اسرائيل، اي جور وجد فيّ آباؤكم حتى أبتعدو عني.. تركوني أنا ينبوع الماء الحي وأحتفروا لأنفسهم آباراً مشققة لا تضبط ماء)) ( أرميا 2 : 5 – 13). 
والآن ايضاً لا نسمعه يتشكى من الشعوب البعيدة عنه والرافضة الطاعة له، ولكنه يتشكى من شعبه المسيحي الذي ميزه بين شعوب كثيرة وخسه بمواعيده واستحقاقاته وأسراره وتعاليمه، ومع ذلك لا يجد عنده حظوة، واياه عني بقوله بلسان داؤد عبده : (( لو عيرني العدو لأحتملتهُ ، ولكن أنت أيها الأنسان شبيهي أليفي ومؤنسي )) ( مز 54 : 13).
في يسوع كل الجمال وكل الصلاح وكل القداسة وكل كمال محبوب. يسوع هو سرور الأب الأزلي وبهجة الأرواح الطوباوية في السماء. يسوع الذي منه كل خير وكل فرح وكل سلام راهن، لا يجد من يعشقه ويتعلق به ويهتم به. والخليقة التي هي بازاء الله عدم ولا شيء، وفيها كل شر، بل كل خبث ولؤم يحبها الأنسان ويعشقها ويعلق قلبه بها ، بل يستغني بها عن الله مع علمه ان الأستغناء عنه بالخليقة جرم جسيم وحزن أليم وموتٌ أبدي وهلاك سرمدي في نيران الجحيم.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الرابع

sacredheart

اليوم الرابع ( تأمل في الحب المجهول):

ان الناس لا يجهلون كلمة الحب، بل اكثر احاديثهم هي على الحب واعظم مساعيهم هو لأدراك الحب. لأجل الحب يبذلون الأمول الطائلة، ولأجله يقضون الأوقات الثمينة. ولكن حباً واحداً يجهله الناس ولا يعبأون به، هو حب يسوع المسيح الذي بدونه لا راحة لنا. لا سلام لنا ولا خلاص لنا. أجل يسوع وحده، ولا يجد من يحبه. لأن الناس لا يجدون في محبته ما يرضي أجسادهم ويلذ حواسهم، لذا يعرضون عنه مفضلين أفراح الجسد على افراح الروح. ترونهم يصلون كثيراً ولكنهم لا يطلبون بصلواتهم محبة الله فوق كل شيء بل محبة الدنيا وخيراتها الباطلة. كان الوثنيون يعبدون جميع الآلهة الكاذبة ما خلا الأله الحق الذي كانو يجهلونه ومثلهم اليوم اولئك المسيحيون الذين ترونهم يحبون جميع الأشياء ما عذا الأله المحبوب حقاً ( 1 يو 3 : 19 ) ولذا كان القديس فرنسيس الأسيزي ( إيطاليا 1181 – 1226 ) يطوف في الشوارع باكياً وهاتفاً (( ان الحب غير محبوب، ان الحب غير محبوب )). فلما شاهد يسوع برودة المسيحيين في محبته وجهلهم لها ظهر هو نفسه لأمته القديسة مرغريتا مريم بقلب متأجج ناراً وتشكى اليها من نسيان البشر لمحبته الشديدة لهم ونسيان كثرة احسساناته اليهم، فطلب منها ان تنادي بعبادة قلبه الأقدس وتذيع هذه العبادة في المعمورة كلها ليعرف الناس محبة يسوع لهم ويقابلوا حبه بالحب، وهذا كلامهُ لها: (( أذيعي وبشري في كل مكان واثيري في قلب البشر هذه العبادة العزيزة عليّ فأنها وسيلة أكيدة وطريقة سهلة لمن يروم ان ينال من لدني محبة الله الحقيقية ))

خبر:

روي ان رجلاً كانت مهنته الضرب على العود وكان بمهنته هذه يفسد اخلاق الشباب والشابات ويوقعهم في شباك الغرام الدنيوي ليدهورهم من ثمة في اعماق الجحيم، فدخل ذات يوم كنيسة ليسمع وعظاً، وكان الواعظ يتكلم اذ ذاك عن أسباب الخطيئة، فأثر كلام الخطيب الغيور في قلبه كل التأثير وعزم للوقت على اصلاح سيرته حباً ليسوع وابتغاء خلاص نفسه، فقصد الواعظ طالباً ان يعترف له بخطاياه وبعد الأعتراف قال له الكاهن بحب أبوي ولطف جزيل: أني أتأسف غاية الأسف على اني لا أقدر ان أحلك حتى تترك مهنتك لأنها سبب عثرة وشك لقريبك وواسطة هلاك لنفسك.
سكتَ الرجل وعاد الى بيته حزيناً وكئيباً لأن عيشته كانت متعلقة بتلك المهنة. وفي الغد قصد الواعظ مرة ثانية حاملاً معه العود وقال له بصدق وأخلاص: أبتي اني رجل فقير الحال لست اعرف كيف أقدر ان اعيش وأعيّش أطفالي ان تركت صنعتي هذه، لكن من حيث ان حياة نفسي أفضل من حياة جسدي أتيتك بعودي مقدماً اياه اليك وعازماً على ان لا أزاول في ما يأتي مهنة تذهبُ بي وبقريبي الى جهنم وتحرمنا محبة يسوع الى الأبد.
وبعد أيام قليلة قص الكاهن هذا الخبر على سيدة فائلة غنية، فأشترت منه العود بمبلغ باهض جداً ، فأعطاها الكاهن للحال للتائب النصوح ليعيش بها هو واطفاله.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الثالث

sacred_heart_jesus_1
اليوم الثالث ( تامل في تقرب الله من الأنسان): من الأمور المدهشة التي تذهل العقول هو طلب الله الأقتراب من الأنسان خليقته الحقيرة. نعم ان قدوس القديسين ورب الأرباب يسعى منذ ان أبتعد الانسان عنه بالخطيئة، في اعادته الى حضنه، فكلمهُ أولاً بلسان أنبيائه وارشده بكلامه هذا الى معرفته ومحبته، ولم يزل الأنسان مع ذلك بعيداً عنه وخائفاً منه، فأراد جل أسمه ان ينزع هذا الخوف من قلبه ويهدم الجدار الذي كان يفصله عنه، فتجسد وتأنس وأقترب من الأنسان بصورة محسوسة، منظورة، شهية. ظهر طفلاً جميلاً محبوباً ومحفوفاً بالفقر والتواضع والحلم والوداعة لكي يُمكن كل واحد من الأقتراب منه، فدنا منه الرعاة المساكين ثم المجوس الأغنياء وأحتضنه شمعون الشيخ. وبعد أختفائه برهة من الزمن في الناصرة، ظهر بين الناس وعاشرهم وخالطهم وأحسن اليهم. دخل بيوتهم وجالسهم و كلمهم وأكل وشربَ معهم. قصدهُ المرضى فأبراهم، قصده الخطأة فبررهم وزكاهم. زاحمته الجموع وضايقوه فلم يتضيق ولم يأنف منهم، وغايته من جميع هذه الأفعال ان يقّرب من الأنسان إليه. وقد ظفر بأمنيته هذه في بداية الأمر، وقد شهد لنا الأنجيل : ((جموعاً كثيرة تبعته من الجليل ومن اليهودية ومن أورشليم ومن آدوم وعبر الأردن والذين حول صور وصيدا وكانو يضايقونه )) ( مرقس 3 : 7 – 9 ) ويطلبون التقرب منه ويسمعون كلامه بلذة ويسألونه ان يقيم معهم ويمسكونه عندهم ولا يخلونه. فكيف حدث ان هذا الأقنوم الألهي المحبوب للغاية أمسى بعدئذ مبغوضاً لدى شعبه حتى طلبوا صلبه وفضلوا عليه برأباّ السارق القاتل ؟ لاشك ان في هذا الأنقلاب سراً غامضاً نرى مثيله في هذه الأيام في شرور البشر التي لا تزال تتكاثر وتتفاقم وتقاوم محبة الله ورحمته لهم. ولكن ياللعجب ان جميع خطايا البشر لا تغير عزم الله عن مصافحتهم ومسالمتهم والأقتراب منه، بل جعل كل نعيمه على الأرض في تبرير الخطأة ومؤاساتهم ودعوتهم اليه، وفضلاً عن ذلك يعدهم من أخص أحبائه فأعلن لهم في هذه الأزمنة الأخيرة عبادة قلبه الأقدس مؤكداً لهم ان هذه العبادة تُلين القلوب الجلمودية وتوقد فيها نار محبته الألهية، فقال للقديسة مرغريتا مريم : (( اني أعدك بأن قلبي ينبسط ليسكب مفاعيل حبه الألهي على من يكرمه )).  فهلمو اذن ايها الأنام الى يسوع، بل ادخلو قلبه الأقدس وأقيموا فيه حياتكم كلها، فأنه هيكلكم المقدس بل مقر راحتكم. لا تعتذرو قائلين : اننا خطاة، لأن الخطأة يصبحون مع يسوع صالحين قديسين لأنه مخلصهم ومبررهم.

خبر:

حدث في سنة 1722 م في مدينة مرسيليا بفرنسا طاعون هائل ضرب خلقاً كثيراً وطالت مدته نحو ثلاثة أشهر. فعجز الأطباء عن دفعه، وظهرت كأن السماء لا تلتفت الى تنهدات ذلك الشعب المسكين. فرأى مطران تلك المدينة ان تقام دعاءات وصلوات وابتهالات اكراماً لقلب يسوع الأقدس، وفي هذا كان آخر رجائه وفي غيره لم يكن، فأستجاب الرب طلبته ورفع الطاعون عن تلك المدينة ولم يمت بعد تلك المدة بثلاثة أشهر أحد من تلك المدينة ولم يمرض أحد قط. فعند ذلك نذرت مرسيليا كلها بصوت واحد ان تحتفل بعيد قلب يسوع في كل عام وان تعمل فيه تطوافاً وتقدم هدية ما شكراً لقلب يسوع الأقدس عما أسداه اليها.

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الثاني

طلبة قلب يسوع الأقدس

اليوم الثاني (تأمل في محبة قلب الله):

أوحى الله الينا منذ عهد مديد بأن له قلباً. أجل ان لله قلباً، وقد سمعنا بذلك إذ يقول في الكتاب المقدس عن داؤد عبده: (( انه رجل مثل قلبه )) ( 1 صمو 14:13 ) وأعلن لسليمان الملك يوم تدشينه هيكل اورشليم الفخم : (( ان قلبه يكون فيه كل الأيام )) ( 1 ملكوك 3:9 ) فأراد الله ان يعبر بهذا الإسم عن ارادته وعواطف حبه غير المتناهي.
ولكن جل اسمه لم يكتف بهذا التعبير بل أراد ان يكون لكلمته الأزلية قلب منظور ، قلب مُجَسّم بحيث انه يقدر في كلامه للبشر ان يقول لهم نظير أيوب الصديق : (( وأنا أيضاً لي قلب مثلكم )) ( ايوب 3:12 ).

تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الأول

sacred_heart_jesus_1

اليوم الأول (تأمل في أصل عبادة قلب يسوع الأقدس وأنتشارها):

أخذت عبادة قلب يسوع الأقدس مبدأها مع ابتداء الكنيسة المقدسة عينها، ونشأت عند أسفل الصليب، لأن مريم هي أول من سجدَ لهذا القلب المطعون لأجلنا، ثم ان يسوع المسيح من بعد قيامته ظهرَ لتلاميذه المجتمعين وأراهم جرح جنبهِ، وأمر توما بأن يضع فيهِ أصبعه. ومن ثُمَ رأينا أعظم قديسي العصور الأولى وما بعدها قد تعمقوا في بحر هذه العبادة الى حين شاء الله فأوحاها بطريقة خصوصية وشرّفَ بها الأزمان المتأخرة.

صلاة لقلب يسوع (1)

sacred_heart_jesus_1

ياحبيبـي يسوع، إنّي إظهارًا لمعروفك الجميل وتعويضًا عن خيانتي، أقدّم لك قلبي، مُخصِّصًا إيّاه تخصيصًا مطلقًا لحبّك الإلهيّ، قاصدًا بنعمتك الإلهيّة أن لا أعود أُهينك أبدًا… آمين.

يا يسوع، أنا ضعيفٌ وأنت ربُّ القوّات قوّتي.

يا يسوع، أنا فقيرٌ وأنتَ ربُّ الكنوز أغنني.

يا يسوع، أنا مريض، وأنت طبيبُ المراحم إشفني.

طلبة قلب يسوع الأقدس

طلبة قلب يسوع الأقدس

كيرياليسون، كریستالیسون، كیریالیسون

یا ربنا یسوع المسیح، أنصت إلینا

یا ربنا یسوع المسیح، استجبنا

أیھا الآب السماوي الله، ارحمنا

یا ابن الله مخلّص العالم، ارحمنا

أیّھا الروح القدس الله، ارحمنا

أیّھا الثالوث القدوس الإله الواحد، ارحمنا

یا قلب یسوع ابن الله الأزلي، ارحمنا

یا قلب یسوع الذي كوّنه الروح القدس في أحشاء الوالدة البتول، ارحمنا