عيد سيدة لورد “يوم المرضى”

عيد سيدة لورد "يوم المرضى"

سيدة لورد: لورد مدينة صغيرة قابعة على جبال البيرينيه في جنوب فرنسا.
في هذه المدينة التي كانت تنعم بالهدوء والسكينة ظهرت العذراء مريم في 14 شباط 1858 للصغيرة برناديت سوبيرو ابنة الأربعة عشر ربيعاً، التي لم تتعلم بعد لا القراءة ولا الكتابة، كما لم تتلق مناولتها الأولى.
وقد نعمت برناديت بثمانية عشر ظهوراً في مغارة “ماسابييل  قرب المجرى الشتوي النازل من جبال البيرينيه والمسمى ” بو “.
ولكي تقي العذراء برناديت من الزهو الباطل، أمرتها بأن تشرب وتغسل وجهها من عين لا يبدو منها غير تراب موحل، وبأن تأكل أعشاباً مُرَّة تذكّر بما أمر الله موسى في سفر الخروج “مع أعشاب مرّة يأكلونه”، وهو رمز للتوبة الذي تطلبه العذراء في كل ظهور.
أما الحدث الأهم هو أن العذراء في ظهور 15 آذار أجابت برناديت التي سألتها للمرة الرابعة عن اسمها، نزولاً عند طلب كاهن الرعية “بايرامال” “أنا الحبل بلا دنس”.
تعبير لم تسمع به برناديت التي كانت التي كانت تؤمن بالآب والابن والروح القدس، ولكنها كانت عاجزة عن جمع الأقانيم الثلاثة تحت تسمية الثالوث الأقدس، فقد كانت لا تعرف إلا الشيء القليل من التعليم المسيحي. يضاف إلى ذلك أن عقيدة “الحبل بلا دنس” المتداولة في أوساط الفاتيكان اللاهوتية فقط، كان البابا بيوس التاسع قد أعلنها في 8 كانون الأول 1854، والأهم من ذلك أن كاهن الرعية نفسه كان ينتقد الصيغة اللغوية لهذه العقيدة، ويتساءل لماذا يقال في العذراء “سيدة الحبل بلا دنس” بدلاً من أن يقال “السيدة التي حبل بها بلا دنس”.
علماً أن الصيغة الأولى ماهت بين فكرة مجردة وشخص مريم ! ومعلوم أن هذه العقيدة تريد القول إن العذراء مريم، التي ستستقبل ابن الله في جسدها، قد عصمت مسبقاً بقدرة الله واستحقاقات المسيح اللاحقة على الصليب، من الخطيئة الأصلية. وهذه كلها مفاهيم لم تكن تعرفها برناديت.
وقد تحلت السلطات الكنسية بكثير من الحذر والفطنة في هذه الظهورات، وموقف الكنيسة هذا أعطى مصداقية لما يجري في لورد من شفاءات.
ففي 28 تموز 1858 أنشأ المونسنيور لورانس أسقف تارب لجنة تحقيق. وبعد أربع سنوات تقريباً، وتحديداً في 18 كانون الثاني 1862 أصدر منشوراً رعوياً يؤكد فيه ” أن مريم الطاهرة أم الله، ظهرت حقاً لبرناديت سوبيرو “.
وإزاء تدفق الحجاج إلى لورد وحدوث عجائب شفاء، أنشأت السلطات الكنسية العليا “مكتباً طبياً” للحكم في العجائب الصحيحة، على أن يكون المرض خطراً جداً أو غير قابل للشفاء بوساطة العلاجات الطبية، وأن يكون في الوقت نفسه مفاجئاً وكاملاً ونهائياً. واستبعدت كل الأمراض العصبية.
وفي العام 1992 أعلن الدكتور بيلون رئيس المكتب الطبي أنه قد أحصيت إلى الآن قرابة 6000 حالة شفاء، وأن 2000 حالة منها يمكن اعتبارها شفاءات فائقة الطبيعة، ومع ذلك فإن السلطات الكنسية لم تعلن منها إلا 65 حالة عجائبية.
وقد أصبحت لورد مزاراً عالمياً يزوره الملايين من المؤمنين كل سنة، وخاصة من المرضى الذين يطلبون الشفاء بشفاعة العذراء مريم. وتقام يومياً القداديس والصلوات، ورتبة درب الصليب، والزياح بالقربان الأقدس عصراً، والتطواف بالشموع ليلاً مع تلاوة المسبحة الوردية بلغات عديدة.
ويجد الزائر في لورد مغارة الظهورات وثلاث كنائس هي: الكنيسة السفلى وقد شيدت سنة 1858، والكنيسة العليا وقد شيدت سنة 1879، وكنيسة البابا القديس بيوس العاشر تحت الأرض والتي شيدت سنة 1858، وتتسع لعشرات الآلاف من المؤمنين. وإلى جانب المغارة يجد الزائر الحمامات العجائبية التي تأتيها المياه من النبع الذي بثقته العذراء بمعجزة داخل المغارة، وفي هذه المياه يستحم المرضى، ويتبرك بها الأصحاء ويحملون منه إلى بيوتهم للبركة.

يوم المرضى: سنة 1992حددت الكنيسة الجامعة يوم 11 شباط من كل سنة يوماً عالمياً للمريض.
وفي 11 شباط 1996 أصدر البابا يوحنا بولس الثاني رسالة بمناسبة اليوم العالمي الرابع للمريض، وفيها يتحدث إلى المؤمنين عن الغاية من الاحتفال بهذا اليوم.
أستهل البابا رسالته بالكلمات التي نطقت بها السيدة العذراء الفائقة القداسة إلى المواطن البسيط خوان دييغو دي كوتيلان، في 9 كانون الأول سنة 1531 عند سفح تل تيبيياك شمالي غربي مدينة مكسيكو عاصمة المكسيك، المعروف بتل غوادلوب. فبينما كان يتضرع من أجل شفاء أحد ذويه سمع صوت يناديه: ” لا تقلق من هذا المرض ولا من أية مصيبة أخرى.
ألستُ أنا هنا أمك ؟ ألستُ ملاذك ؟ ألستُ أنا عافيتك ؟ “.

ويخاطب البابا في رسالته المرضى بالقول: “أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أنتم الذين تُمتحنون بصورة خاصة بالألم، إنكم مدعوون إلى رسالة مميزة عبر التبشير الإنجيلي الجديد، بوحي من مريم أم المحبة والألم البشري. . . . إن الجهود المشكورة والبطولية أحياناً للكثيرين من الذين امتهنوا الخدمة الصحية، والإسهام المتزايد للأشخاص المتطوعين، كل هذه غير كافية لتغطية الحاجات الملحة. أضرع إلى الرب أن يحث أكثر فأكثر الأشخاص الأسخياء، الجديرين بأن يوفروا لمن هو فريسة الألم، لا التعزية من خلال مساعدة جسدية فحسب، بل أيضاً تعزية مساعدة روحية قادرة بأن تفتح له آفاق الإيمان المعزية. . . . أيها الإخوة والأخوات الأعزاء الذين تحتملون الألم، قدموا بسخاء عذابكم هذا مشاركة مع المسيح المتألم ومع العذراء مريم أمه الكلية الحنان ! أما أنتم الذين تبذلون كل يوم تفانياً تجاه أشخاص يتألمون، إجعلوا من خدمتكم مساهمة ثمينة للتبشير بالإنجيل. أدركوا أنكم أنكم جزء فعال في الكنيسة، لأن فيكم ترى الجماعة المسيحية نفسها مدعوة إلى أن تتجابه مع صليب المسيح بغية أن تبين للعالم ميزة رجائه الإنجيلي . . . . أوجه ندائي إليكم يا رعاة الجماعات الكنسية، حتى تستعدوا بفضل تنشئة وافية، كي تحتفلوا باليوم العلمي للمريض، بنشاطات جديرة بأن تثير الإحساس عند شعب الله والمجتمع المدني بالذات، إزاء المشاكل الضخمة والمعقدة للصحة ولبنى الصحة. أما أنتم يا من امتهنتم الخدمة الصحية أطباء وصيادلة وممرضون وممرضات ومرشدون ورهبان وراهبات وإداريون ومتطوعون ولا سيما أنتم النساء، رائدات الخدمة الصحية والروحية في سبيل المرضى، كونوا جميعاً دعاة شراكة بين المرضى أنفسهم وبين عائلاتهم والجماعة الكنسية. كونوا إلى جانب المرضى وعائلاتهم حتى لا يشعر قط الذين يجتازون المحنة بأنهم مهمشون. بهذا تصبح تجربة الألم للجميع مدرسة عطاء الذات في السخاء . . . . أطرح ندائي بطيبة خاطر على المسؤولين المدنيين على كل المستويات، حتى يجدوا في اهتمام الكنيسة وفي التزامها في عالم الألم، مناسبة حوار ولقاء وتعاون بغية بناء حضارة من شأنها أن تشد الخطو دوماً أكثر فأكثر على درب العدالة والحرية والحب والسلام، انطلاقاً من العناية بالإنسان المتألم. دون العدالة لن يعرف العالم السلام إطلاقاً، ودون السلام لا يمكن إلا أ، ينبسط الألم حتى اللانهاية. . . . على جميع الذين يتعذبون، وعلى جميع الذين يبذلون قصارى جهدهم إزاءهم، أتوسل العون الأمومي للغراء مريم. أبتهل إلى أم يسوع كي تصغي إلى صراخ الكثير من العذابات، وتمسح دموع من يقاسي الألم، وتكون قرب جميع مرضى العالم ! أيها المرضى الأعزاء لتقدمن العذراء الفائقة القداسة إلى إبنها عطية عذاباتكم حيث ينعكس وجه المسيح على الصليب ! أرفق هذه التمنيات بتأكيد صلاتي الحارة، فيما أمنح الجميع من صميم القلب البركة الرسولية “.

وتحتفل الكنيسة الجامعة بعيد سيدة لورد ويوم المرضى العالمي في 11 شباط.

الشماس نوري إيشوع مندو (منقول من ارسالية مار نرساي الكلدانية الكاثوليكية)

Comments

comments

  • ختام الشهر المريمي المبارك

    اليوم الحادي والثلاثون وختام الشهر المريمي المبارك

    مَريم العذراء آية الرجاء لشعب الله:

    ان مريم العذراء الممجدة في السماء نفسا ً وجسدا ً، هي صورة للكنيسة، وبداية لكمالها في الدهر الآتي.

    فهي تسطع على الارض الى أن يأتي يوم الرب، كآية لرجاء اكيد، وعزاء لشعب الله المغترب في هذا العالم.
    ان جميع الشعوب تطوب البتول الكلية القداسة في أرجاء المعمورة، ويتهافتون على اكرامها بحماس حار وقلب ورع.
    فلنتضرع بالحاح الى الأم التي أحاطت بصلواتها وعنايتها الطلائع الاولى للكنيسة والتي تسمو الآن في المجد على جميع الطوباويين والملائكة، لكي تشفع لدى ابنها في شركة جميع القديسين.
    ليكن اكرامنا لها متواصلا ً، لا في هذا الشهر فقط، بل في كل أيام حياتنا.

    لنهرع اليها بحب بنوي، وثقة عالية، ونتضرع اليها بقلب منسحق لترشدنا على الدوام الى الخير والى الكمال وفي آخر الأمر نحو الله ابينا.
    هي تبارك اسرنا واعمالنا، وتنظر بحنان الى وطننا والمسؤولين عن ادارته، وتسكب الخيرات على جميع الشعوب سواء الذين يتحلون بأسم المسيح أو الذين لم يعرفوا مخلصهم بعد.
    وليكن اسمها مباركا ً ابد الدهور.
    آمين ثم آمين.

    خبر:

    يتوافد على ((لورد)) يوميا ً الآف البشر من كل حدب و صوب.
    يقصدها الأصحاء والمرضى، و يزورها المؤمنون والسياح والملحدون.
    وعندما يصل القطار الخاص بالمرضى، يهرع الشباب تبرعا ً ليمدوا لهم يد العون، ويوصلونهم الى الأمكنة الخاصة بهم.
    ترى الناس في كل مكان يصلون.
    منهم من يتسلق اكمة درب الصليب ليتأمل بالآم المخلص، ومنهم من ينهل من ماء النبع العجائبي بايمان عميق، ومنهم من يتقدم من منبر
    الأعتراف ليشترك بمائدة الخلاص.
    تراهم راكعين على الأرض رافعين أياديهم متضرعين صارخين الى الأم الحنون.
    الشباب والشابات، الكهول والشيوخ، من مختلف الأجناس والألوان واللغات تتوحد أبصارهم الى موقع واحد، الى المغارة التي ظهرت فيها العذراء لبرناديت.

    في عصر كل يوم تمنح بركة القربان للمرضى، فتسمع التنهدات الصادرة من قلوب مكلومة وصدور عصرها الألم.
    صراخات تنم عن ايمان وثقة: يا مريم، يا شفاء المرضى اشفينا، يا مريم، يا ملكة السلام امنحينا السلام،
    يا مريم، يا معزية الحزانى، سلي الحزانى.

    وعندما يخيم الظلام ينطلق المؤمنون للأشتراك بالتطواف المريمي وهم يحملون المشاعل ويتلون الوردية ويرتلون نشيد ((حبك يامريم غاية المنى)) فيرتفع الى عنان السماء من الآف الحناجر صراخ يردد ((انت عذراء انت  أمنا)).

    تلك هي مدينة لورد، مدينة العذراء، مدينة الايمان والصلاة.
    فكم وكم شفت من أمراض النفس والجسد.
    فمريم لاتزال توزع النعم على من يطلب عونها.

    اكرام:

    ضع نفسك في حماية العذراء ولتكن كل ايامك مريمية.
    نافذة:

    يا سلطانة السماء والأرض تضرعي لاجلنا.
    ومن ثم تتلى صلاة الوردية كاملة من البسملة والى الخاتمة.

    Comments

    comments

  • سيدة لورد

    اليوم التاسع والعشرون من الشهر المريمي

    انتقال العذراء الى السماء:

    قالت مريم في نشيد تعظم نفسي الرب الذي رددته يوم زيارتها لنسيبتها اليشباع أن الرب ((رفع المتواضعين)) ولقد تحقق هذا القول في شخصها، اذ استحقت من الأب السماوي نعمة وامتيازا ً لم يمنح لغيرها من البشر مكافأة لتواضعها العميق، وحياة الألم التي عاشتها، وهذا الأمتياز هو انتقالها بالنفس والجسد الى السماء.

    انها مكافأة خاصة بمريم، اذ لم يكن معقولا ً ولا مقبولا ً أن يخضع للموت ذاك الجسد الطاهر الذي منه ولد الكلمة الألهية.
    كيف تضم الارض هذا الجسد النقي أو كيف يمكن للعناصر ان تحلله وتلاشيه؟

    ان انتقال مريم الى السماء بالنفس والجسد عقيدة ايمانية لها جذورها في التقليد الديني المتواتر عبر التأريخ في الشرق والغرب.
    ان للجسد في التفكير المسيحي حرمة وكرامة وقداسة لأنه هيكل الروح القدس منذ أن يحل فيه بالعماذ أولا ً ويتغذى بالقربان المقدس من ثم.
    فهو مزمع أن يقوم بالمجد في العالم العتيد.
    فلنجعل من أجسادنا آنية طاهرة مكرسة لله لنستحق المجد السماوي قرب مريم العذراء.
    آمين

    خبر:

    في الحادي عشر من شهر شباط سنة 1858 خرجت فتاة قروية تدعى برناديت مع اختها وجارتها الى الحقل لجمع الحطب.
    وعند وصولهن الى ضفاف نهر ((الكاف)) في منطقة ((لورد)) رأين كميات كبيرة من الحطب في الضفة الثانية.
    وبينما كانت برناديت تهم بالعبور سمعت فجأة صوت ريح شديدة فنظرت الى الأمام فشاهدت في شق بين الصخور امرأة واقفة متشحة بالبياض يحيط بوسطها زنار ازرق ويخفق من حولها جمال سماوي واشعة باهرة.
    فما كان من الفتاة الاّ أن اخرجت سبحتها ورفعت يدها الى جبينها لترسم اشارة الصليب.
    وبينما شرعت بتلاوة المسبحة اختفى المنظر فجأة.
    وتكررت الظهورات وانتشر خبرها فتهاتفت الناس الى المكان بين مصدق ومكذب، بين مؤمن وفضولي.

    في احدى المرات قالت السيدة للفتاة: صلي لأرتداد الخطاة.
    ثم طلبت منها ان تُشيَد في ذلك الموضع كنيسة على اسمها.
    وانبثق قرب المكان ينبوع ماء زلال بشارة منها.
    ولما استفسرت الفتاة من السيدة بسذاجة من تكون، أجابت بلطف:

    ((انا التي حبل بها بلا دنس)) وغابت في الحال.
    ومنذ ذلك الحين اصبحت ((لورد)) قبلة الأنظار ومركزا ً للأيمان والتقوى، ومزارا ً عالميا ً لأكرام مريم.
    والماء الذي نبع بأعجوبة عند قدميها لايزال يجرى الى اليوم ويصنع عجائب الشفاء لكثيرين.
    اكرام:

    اقصد ان تصلي يوميا ً صلاة خاصة بمريم والتزم بقصدك.

    نافذة:

    يا باب السماء ادعي لنا.
    ومن ثم تتلى صلاة الوردية كاملة من البسملة والى الخاتمة.

    Comments

    comments

  • عيد سيدة لورد "يوم المرضى"

    عيد سيدة لورد “يوم المرضى”

    سيدة لورد: لورد مدينة صغيرة قابعة على جبال البيرينيه في جنوب فرنسا.
    في هذه المدينة التي كانت تنعم بالهدوء والسكينة ظهرت العذراء مريم في 14 شباط 1858 للصغيرة برناديت سوبيرو ابنة الأربعة عشر ربيعاً، التي لم تتعلم بعد لا القراءة ولا الكتابة، كما لم تتلق مناولتها الأولى.
    وقد نعمت برناديت بثمانية عشر ظهوراً في مغارة “ماسابييل  قرب المجرى الشتوي النازل من جبال البيرينيه والمسمى ” بو “.
    ولكي تقي العذراء برناديت من الزهو الباطل، أمرتها بأن تشرب وتغسل وجهها من عين لا يبدو منها غير تراب موحل، وبأن تأكل أعشاباً مُرَّة تذكّر بما أمر الله موسى في سفر الخروج “مع أعشاب مرّة يأكلونه”، وهو رمز للتوبة الذي تطلبه العذراء في كل ظهور.
    أما الحدث الأهم هو أن العذراء في ظهور 15 آذار أجابت برناديت التي سألتها للمرة الرابعة عن اسمها، نزولاً عند طلب كاهن الرعية “بايرامال” “أنا الحبل بلا دنس”.
    تعبير لم تسمع به برناديت التي كانت التي كانت تؤمن بالآب والابن والروح القدس، ولكنها كانت عاجزة عن جمع الأقانيم الثلاثة تحت تسمية الثالوث الأقدس، فقد كانت لا تعرف إلا الشيء القليل من التعليم المسيحي. يضاف إلى ذلك أن عقيدة “الحبل بلا دنس” المتداولة في أوساط الفاتيكان اللاهوتية فقط، كان البابا بيوس التاسع قد أعلنها في 8 كانون الأول 1854، والأهم من ذلك أن كاهن الرعية نفسه كان ينتقد الصيغة اللغوية لهذه العقيدة، ويتساءل لماذا يقال في العذراء “سيدة الحبل بلا دنس” بدلاً من أن يقال “السيدة التي حبل بها بلا دنس”.
    علماً أن الصيغة الأولى ماهت بين فكرة مجردة وشخص مريم ! ومعلوم أن هذه العقيدة تريد القول إن العذراء مريم، التي ستستقبل ابن الله في جسدها، قد عصمت مسبقاً بقدرة الله واستحقاقات المسيح اللاحقة على الصليب، من الخطيئة الأصلية. وهذه كلها مفاهيم لم تكن تعرفها برناديت.
    وقد تحلت السلطات الكنسية بكثير من الحذر والفطنة في هذه الظهورات، وموقف الكنيسة هذا أعطى مصداقية لما يجري في لورد من شفاءات.
    ففي 28 تموز 1858 أنشأ المونسنيور لورانس أسقف تارب لجنة تحقيق. وبعد أربع سنوات تقريباً، وتحديداً في 18 كانون الثاني 1862 أصدر منشوراً رعوياً يؤكد فيه ” أن مريم الطاهرة أم الله، ظهرت حقاً لبرناديت سوبيرو “.
    وإزاء تدفق الحجاج إلى لورد وحدوث عجائب شفاء، أنشأت السلطات الكنسية العليا “مكتباً طبياً” للحكم في العجائب الصحيحة، على أن يكون المرض خطراً جداً أو غير قابل للشفاء بوساطة العلاجات الطبية، وأن يكون في الوقت نفسه مفاجئاً وكاملاً ونهائياً. واستبعدت كل الأمراض العصبية.
    وفي العام 1992 أعلن الدكتور بيلون رئيس المكتب الطبي أنه قد أحصيت إلى الآن قرابة 6000 حالة شفاء، وأن 2000 حالة منها يمكن اعتبارها شفاءات فائقة الطبيعة، ومع ذلك فإن السلطات الكنسية لم تعلن منها إلا 65 حالة عجائبية.
    وقد أصبحت لورد مزاراً عالمياً يزوره الملايين من المؤمنين كل سنة، وخاصة من المرضى الذين يطلبون الشفاء بشفاعة العذراء مريم. وتقام يومياً القداديس والصلوات، ورتبة درب الصليب، والزياح بالقربان الأقدس عصراً، والتطواف بالشموع ليلاً مع تلاوة المسبحة الوردية بلغات عديدة.
    ويجد الزائر في لورد مغارة الظهورات وثلاث كنائس هي: الكنيسة السفلى وقد شيدت سنة 1858، والكنيسة العليا وقد شيدت سنة 1879، وكنيسة البابا القديس بيوس العاشر تحت الأرض والتي شيدت سنة 1858، وتتسع لعشرات الآلاف من المؤمنين. وإلى جانب المغارة يجد الزائر الحمامات العجائبية التي تأتيها المياه من النبع الذي بثقته العذراء بمعجزة داخل المغارة، وفي هذه المياه يستحم المرضى، ويتبرك بها الأصحاء ويحملون منه إلى بيوتهم للبركة.

    يوم المرضى: سنة 1992حددت الكنيسة الجامعة يوم 11 شباط من كل سنة يوماً عالمياً للمريض.
    وفي 11 شباط 1996 أصدر البابا يوحنا بولس الثاني رسالة بمناسبة اليوم العالمي الرابع للمريض، وفيها يتحدث إلى المؤمنين عن الغاية من الاحتفال بهذا اليوم.
    أستهل البابا رسالته بالكلمات التي نطقت بها السيدة العذراء الفائقة القداسة إلى المواطن البسيط خوان دييغو دي كوتيلان، في 9 كانون الأول سنة 1531 عند سفح تل تيبيياك شمالي غربي مدينة مكسيكو عاصمة المكسيك، المعروف بتل غوادلوب. فبينما كان يتضرع من أجل شفاء أحد ذويه سمع صوت يناديه: ” لا تقلق من هذا المرض ولا من أية مصيبة أخرى.
    ألستُ أنا هنا أمك ؟ ألستُ ملاذك ؟ ألستُ أنا عافيتك ؟ “.

    ويخاطب البابا في رسالته المرضى بالقول: “أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أنتم الذين تُمتحنون بصورة خاصة بالألم، إنكم مدعوون إلى رسالة مميزة عبر التبشير الإنجيلي الجديد، بوحي من مريم أم المحبة والألم البشري. . . . إن الجهود المشكورة والبطولية أحياناً للكثيرين من الذين امتهنوا الخدمة الصحية، والإسهام المتزايد للأشخاص المتطوعين، كل هذه غير كافية لتغطية الحاجات الملحة. أضرع إلى الرب أن يحث أكثر فأكثر الأشخاص الأسخياء، الجديرين بأن يوفروا لمن هو فريسة الألم، لا التعزية من خلال مساعدة جسدية فحسب، بل أيضاً تعزية مساعدة روحية قادرة بأن تفتح له آفاق الإيمان المعزية. . . . أيها الإخوة والأخوات الأعزاء الذين تحتملون الألم، قدموا بسخاء عذابكم هذا مشاركة مع المسيح المتألم ومع العذراء مريم أمه الكلية الحنان ! أما أنتم الذين تبذلون كل يوم تفانياً تجاه أشخاص يتألمون، إجعلوا من خدمتكم مساهمة ثمينة للتبشير بالإنجيل. أدركوا أنكم أنكم جزء فعال في الكنيسة، لأن فيكم ترى الجماعة المسيحية نفسها مدعوة إلى أن تتجابه مع صليب المسيح بغية أن تبين للعالم ميزة رجائه الإنجيلي . . . . أوجه ندائي إليكم يا رعاة الجماعات الكنسية، حتى تستعدوا بفضل تنشئة وافية، كي تحتفلوا باليوم العلمي للمريض، بنشاطات جديرة بأن تثير الإحساس عند شعب الله والمجتمع المدني بالذات، إزاء المشاكل الضخمة والمعقدة للصحة ولبنى الصحة. أما أنتم يا من امتهنتم الخدمة الصحية أطباء وصيادلة وممرضون وممرضات ومرشدون ورهبان وراهبات وإداريون ومتطوعون ولا سيما أنتم النساء، رائدات الخدمة الصحية والروحية في سبيل المرضى، كونوا جميعاً دعاة شراكة بين المرضى أنفسهم وبين عائلاتهم والجماعة الكنسية. كونوا إلى جانب المرضى وعائلاتهم حتى لا يشعر قط الذين يجتازون المحنة بأنهم مهمشون. بهذا تصبح تجربة الألم للجميع مدرسة عطاء الذات في السخاء . . . . أطرح ندائي بطيبة خاطر على المسؤولين المدنيين على كل المستويات، حتى يجدوا في اهتمام الكنيسة وفي التزامها في عالم الألم، مناسبة حوار ولقاء وتعاون بغية بناء حضارة من شأنها أن تشد الخطو دوماً أكثر فأكثر على درب العدالة والحرية والحب والسلام، انطلاقاً من العناية بالإنسان المتألم. دون العدالة لن يعرف العالم السلام إطلاقاً، ودون السلام لا يمكن إلا أ، ينبسط الألم حتى اللانهاية. . . . على جميع الذين يتعذبون، وعلى جميع الذين يبذلون قصارى جهدهم إزاءهم، أتوسل العون الأمومي للغراء مريم. أبتهل إلى أم يسوع كي تصغي إلى صراخ الكثير من العذابات، وتمسح دموع من يقاسي الألم، وتكون قرب جميع مرضى العالم ! أيها المرضى الأعزاء لتقدمن العذراء الفائقة القداسة إلى إبنها عطية عذاباتكم حيث ينعكس وجه المسيح على الصليب ! أرفق هذه التمنيات بتأكيد صلاتي الحارة، فيما أمنح الجميع من صميم القلب البركة الرسولية “.

    وتحتفل الكنيسة الجامعة بعيد سيدة لورد ويوم المرضى العالمي في 11 شباط.

    الشماس نوري إيشوع مندو (منقول من ارسالية مار نرساي الكلدانية الكاثوليكية)

    Comments

    comments

أقرأ المزيد
  • بطرس وبولس

    أوجه الاختلاف بين الرسولين بطرس وبولس

    1 – من جهة العلم:

    قيل عن بطرس ويوحنا ( إنسانان عديما العلم وعاميان) أي لم يتخرجا من معاهد يهودية عليا ( أع 4 : 13 ).
    ولكن بولس تربي عند قدمي ( غمالائيل ) ( أع 22 : 3 ) ( أع 26 : 24 أنت تهذي يا بولس الكتب الكثيرة تحولك إلى الهذيان)
    2 – من ناحية الزواج والبتولية :

    بطرس كان متزوجاً ولكن بولس كان بتولاً (1كو9: 5 ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وإخوة الرب وصفا) ( لو 4 : 38 ) ( 1كو7 : 8 )

     

    3 – ميدان الكرازة:

    (بطرس رسول الختان) أي يكرز بين اليهود ولكن بولس رسول الغرلة أي يكرز بين الأمم ( غلا 2 : 7 )
    ملاحظة: لم تقتصر خدمة بطرس علي اليهود ولقد آمن علي يديه كرنيليوس ( أع 10 ) وكذلك بولس الرسول لم تقتصر خدمته علي الأمم ( أع 9 : 15 فقال له الرب اذهب لان هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمموملوكوبني إسرائيل) (1كو9: 20 فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود) وكتب أيضاً رسالته إلى العبرانيين.
    4 – طريقه الاستشهاد

    بطرس صلب منكس الرأس يو21 قال له يسوع ارع غنمي.. متى شخت فانك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء قال هذا مشيرا إلى أية ميتة كان مزمعا أن يمجد الله بها.
    أما بولس الرسول فقطعت رأسه لأنه كان يتمتع بالجنسية الرومانية (أع22 : 25-28 فجاء الأمير وقال له قل لي أنت روماني فقال نعم)، (أع16: 37)

    Comments

    comments

  • قصة أيقونة العذراء المطعونة

    قصة أيقونة العذراء المطعونة

    توجد هذه الأيقونة في دير فاتوبيذي Ιερά Μονή Βατοπεδίου (دغل الفتى) في جبل آثوس.

    في نفس الدير أي دير فاتوبيذي توجد هذه الأيقونة في الدهليز المؤدي من كنيسة القديس ديمتريوس إلى الكنيسة الكبرى.

    سبب تسمية هذه الأيقونة بالمطعونة هو أنّه في أحد الأيام أبطئ مرة الشماس القندلفت بسبب انشغاله في تنظيف الكنيسة وأتى إلى المائدة بعد الجميع طالبًا غذاءه. فرفض المسؤول عن المائدة أن يعطيه منبّهًا إياه على وجوب الحضور في الوقت المحدد لأنه هكذا تفترض الحياة المشتركة. (هذه الحادثة تكررت عدّة مرات).

    فانفعل الشماس وعاد إلىِ الكنيسة وتلفّظ وهو في حالة من الغضب أمام الأيقونة بهذه الكلمات: “يا والدة الإله حتى متى أخدمك؟ إني أتعب وأتعب وليس لدي شيء حتى ولا كسرة خبز تشددُ قوايَ المنهوكة”.
    قال هذا وأخذ السكين الذي كان يزيل به الشمع عن المصابيح وطعن به خدَّ السيدة العذراء الأيمن.
    فانغرست السكين فيها فاصفرّ للحال رسم العذراء وفار الدم من الجرح فسقط الطاعن وعمّي ويبست يده.

    علم به رئيس الدير مع الرهبان فبدؤوا الصلاة من أجله بحرارة مدة ثلاث سنين كان خلالها هذا الراهب لا يفارق المكان الذي اتّخذه في زاوية أمام الأيقونة حيث كان يبكي بدموع التوبة، ويصلّي بحرارة من أجل المغفرة.

    بعد ثلاث سنين أعلن له بأنه قد صفح عنه، فقبل وفاته ظهرت له السيدة العذراء وأفرحته بالعفو عنه.
    ولكن أنذرته بأن يده الجسورة لابدّ وأن يُحكم عليها في مجيء المسيح الديّان.
    ومنحته الصفح والرحمة فأبصر وعاد كما كان، أمّا يده فبقيت يابسة حتى مماته.

    عندما كشفت بقاياه بعد ثلاث سنين من دفنه على عادة رهبان جبل آثوس.
    انذهل جميع الاخوة من المنظر لأن أعضاء الدفين كانت كلها نيّرة وعليها علامة الرحمة الإلهية.

    أما يده الجسورة التي طعنت الأيقونة المقدسة فبقيت غير بالية وسوداء حتى الآن وتعرض أحيانا على الزائرين موضوعة في صندوق تحت الأيقونة العجائبية. تذكيرًا بالأعجوبة وإرشادًا لهم. أما أثر الدم فهو باق حتى الآن كما هو واضح في الأيقونة.

    المصدر:  صفحة بطريركية أنطاكية

    Comments

    comments

  • أساطير شجرة عيد الميلاد

    أساطير شجرة عيد الميلاد

    هنالك العديد من الأساطير حول شجرة عيد الميلاد ويعتقد بأن الالمان كانوا أول من بدأ بتقليد شجرة الميلاد الغير مزينة.

    أقدم أسطورة تقول بأن القديس الشهيد بونيفس (680-754) الراهب والمبشر البريطاني الذي نظم الكنيسة في فرنسا وألمانيا.
    في أحد الأيام، بينما كان مسافرا الى ألمانيا للتبشير بكلمة الله ألتقى بمجموعة من عبادي الأوثان المتجمعين حول شجرة البلوط على وشك نحر طفل لاله الرعد (ثور) ولمنع عملية النحر وانقاذ حياة الطفل قطع القديس بونيفس الشجرة من شدة غضبه بلكمة واحدة.
    أثناء سقوطها حطمت الشجرة جميع ما في طريقها من شجيرات عدا شجيرة الشربين وبمحاولة منه لكسب الوثنيين فسر بقاء الشجيرة على أنها أعجوبة مُطلقا عليها اسم شجرة يسوع الطفل .. شجرة الحياة.

    كانت أعياد الميلاد الاحقة تُحتفل بزرع شجيرات الشربين وفي أواخر القرون الوسطى وضع الألمان وسكان أسكندنافية الاشجار الدائمة الخضرة داخل بيوتهم.

    أسطورة اخرى تقول بأن القديس بونيفس استخدم الشكل الثلاثي للشجيرة لوصف الثالوث الأقدس.
    المعتنقين الجُدد بدأوا بتكريم الشجرة كما فعلوا مع شجرة البلوط قبل اهتدائهم للمسيحية.
    في القرن الثاني عشر، في أوروبا الوسطى وفي عيد الميلاد كانت تعلق أشجار الشربين رأسا على عقب من سقوف المنازل كرمزا للمسيحية.

    و تروي قصة أخرى و تقول بأن مارتن لوثر (1483-1546) مؤسس المذهب البروتستانتي كان ماشيا في الغابة في أحدى ليالي عيد الميلاد وبينما كان يمشي اندهش لجمال وروعة ملايين النجوم التي كانت تتلألأ من خلال أغصان الأشجار الدائمة الخضرة. لخلق ذات الجو الساحر قام لوثر بقطع أحد الأغصان ووضَعه في بيته وزيَنه بالشموع.

    و تروي أخرى بأنه في ليلة الميلاد وفي أحد الايام صادف أن التقى حطاب فقير بصبي مفقود وجائع.
    بالرغم من فقره أعطى الحطاب الأكل والمسكن للصبي الفقير لتلك الليلة وفي الصباح استيقظ الحطاب ليجد شجرة جميلة تتلألأ خارج بيته بينما اختفى الصبي.

    الصبي الجائع كان المسيح المتنكر وخلق الشجرة كمكافئة لإحسان الحطاب الطيب.

    يروى أيضا أنه ربما أتى أصل شجرة الميلاد من مسرحية الفردوس.
    في القرون الوسطى معظم الناس لم يكن لهم القدرة على القراءة والكتابة وكانت المسرحيات تستخدم لتعليم دروس الكتاب المقدس في جميع أنحاء أوروبا.
    كانت مسرحية الفردوس التي عرضَت خليقة الإنسان ووقوعه في الخطيئة في جنة عدن تُقام كل عام في موسم الشتاء وفي ليلة الميلاد، إقتضى عرضها شجرة تفاح لكن أشجار التفاح لا تحمل ثمرا في الشتاء فأستعيضت بشجرة دائمة الخضرة مع تعليق التفاح عليها.

    Comments

    comments

أقرأ المزيد من  مقالات

Facebook Comments

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>